وإيمانهم كان خفية لمخافتهم من فرعون وسطوته، وجبروته وسلطته، ومن ملئهم أن ينموا عليهم إليه فيفتنهم عن دينهم.
قال الله تعالى مخبرا عن فرعون وكفى بالله شهيدا: " وإن فرعون لعال في الأرض " أي جبار عنيد مشتغل بغير الحق، " وإنه لمن المسرفين " أي في جميع أموره وشئونه وأحواله. ولكنه جرثومة قد حان انجعافها (1) وثمرة خبيثة قد آن قطافها، ومهجة ملعونة قد حتم إتلافها.
وعند ذلك قال موسى: " يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين * فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين * ونجنا برحمتك من القوم الكافرين " فأمرهم بالتوكل على الله، والاستعانة به، والالتجاء إليه، فأتمروا بذلك فجعل الله لهم مما كانوا فيه فرجا ومخرجا.
" وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا، واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ".
أوحى الله تعالى إلى موسى وأخيه هارون عليهما السلام أن يتخذا لقومهما بيوتا متميزة فيما بينهم عن بيوت القبط، ليكونوا على أهبة الرحيل إذا أمروا به، ليعرف بعضهم بيوت بعض. وقوله: " واجعلوا بيوتكم قبلة ". قيل مساجد، وقيل معناه كثرة الصلاة فيها.
قاله مجاهد وأبو مالك وإبراهيم النخعي والربيع والضحاك وزيد ابن أسلم وابنه عبد الرحمن وغيرهم.