من بيت هذا شيمتهم ولا سجيتهم لا أخوك ولا أمك ولا أبوك، فاتهموها بالفاحشة العظمى ورموها بالداهية الدهياء.
فذكر ابن جرير في تاريخه أنهم اتهموا بها زكريا وأرادوا قتله ففر منهم فلحقوه وقد انشقت له الشجرة فدخلها وأمسك إبليس بطرف ردائه فنشره فيها كما قدمناه. ومن المنافقين من اتهمها بابن خالها يوسف ابن يعقوب النجار.
فلما ضاق الحال وانحصر المجال وامتنع المقال، عظم التوكل على ذي الجلال، ولم يبق إلا الاخلاص والاتكال " فأشارت إليه " أي خاطبوه وكلموه فإن جوابكم عليه وما تبغون من الكلام لديه، فعندها " قالوا " من كان منهم جبارا شقيا: " كيف نكلم من كان في المهد صبيا " أي كيف تحيلينا في الجواب على صبي صغير لا يعقل الخطاب، وهو مع ذلك رضيع في مهده ولا يميز بين محض وزبده، وما هذا منك إلا على سبيل التهكم بنا والاستهزاء والتنقص لنا والازدراء، إذ لا تردين علينا قولا نطقيا، بل تحيلين في الجواب على من كان في المهد صبيا.
فعندها " قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا. وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا. والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ".
هذا أول كلام تفوه به عيسى بن مريم، فكان أول ما تكلم به