والمنام. فقالوا: وما هو يا تمليخا؟
فقال: أطلت فكري في هذه السماء فقلت: من رفعها سقفا محفوظا بلا علاقة فوقها ولا دعامة من تحتها ومن أجرى فيها شمسها وقمرها ومن زينها بالنجوم؟ ثم أطلت فكري في هذه الأرض؟ فقلت:
من سطحها على ظهر اليم الزاخر ومن حبسها وربطها بالجبال الرواسي لئلا تميد؟ ثم أطلت فكري في نفسي فقلت: من أخرجني صبيا (1) من بطن أمي ومن غذاني ورباني؟ أن لها صانعا ومدبرا سوى دقيانوس الملك.
فانكبت الفتية على رجليه يقبلونهما وقالوا: يا تمليخا لقد وقع في قلوبنا ما وقع في قلبك فأشر علينا.
فقال: يا إخوتي ما أجد لي ولكم حيلة إلا الهرب من هذا الجبار إلى ملك السماوات [والأرض] (2).
فقالوا: الرأي ما رأيت.
فوثب تمليخا فباع تمرا [من حائط له] (3) بثلاثة دراهم وصرها في رداءه وركبوا خيولهم وخرجوا. فلما صاروا إلى ثلاثة أميال من المدينة قال لهم تمليخا: يا إخوتنا ذهب عنا (4) ملك الدنيا وزال عنا أمره فانزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل الله - تعالى - أن يجعل لكم من أمركم فرجا ومخرجا.
فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ حتى صارت