مملوء من ماء الورد وعلى يد الثالث طائر فيصيح فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فينشف ما فيه بريشه وجناحيه ثم يصيح به ثانية فيطير حتى يقع في جام المسك فيتمرغ فيه فينشف ما فيه (1) بريشه وجناحيه ثم يصيح به الثالثة فيطير الطائر فيقع على تاج الملك فينفض ريشه وجناحيه على رأس الملك مما فيه من المسك وماء الورد.
فمكث الملك في ملكه ثلاثين سنة من غير أن يصيبه صداع ولا وجع ولا حمى ولا لعاب ولا بزاق ولا مخاط. فلما رأى ذلك من نفسه عتى وطغى وتجبر واستعصى وادعى الربوبية من دون الله ودعا إليها وجوه قومه.
فكل من أجابه أعطاه وحباه وكساه وخلع عليه ومن لم [يجبه و] (2) يتابعه قتله. فاستجابوا بأجمعهم فأقام في ملكه زمانا يعبدونه من دون الله.
فبينا هو ذات يوم جالس في عيد له على سريره والتاج على رأسه إذ أتاه بعض بطارقته فأخبره أن عساكر الفرس قد غشيته يريدون قتاله.
فاغتم لذلك غما شديدا حتى سقط التاج عن رأسه وسقط هو عن سريره.
فنظر إلى ذلك أحد الفتية الثلاثة الذين كانوا يمينه وكان غلاما عاقلا يقال له: تمليخا فتفكر وتذكر نفسه وقال: لو كان دقيانوس هذا إلها كما يزعم لما حزن ولما كان ينام ولما كان يبول ويتغوط وليست هذه الأفعال من صفات الإله.
وكانت الفتية الستة يكونون كل يوم عند أحدهم وكان ذلك اليوم نوبة تمليخا. فاجتمعوا عنده وأكلوا وشربوا ولم يأكل تمليخا ولم يشرب.
فقالوا له: يا تمليخا لم لا تأكل ولا تشرب؟
فقال: يا إخوتي قد وقع في قلبي شئ منعني عن الطعام والشراب