فقال له: إن كان كما وصفت فهو في حصن الله، وذلك يقول أبو طالب:
إن ابن آمنة النبي محمدا * عندي بمثل منازل الأولاد لما تعلق بالزمام رحمته * والعيس قد قلص بالأزواد فارفض من عيني دمعا ذارقا * مثل الجمان مفرد الأفراد راعيت فيه قرابة موصولة * وحفظت فيه وصية الأجداد وأمرته بالسير بين عمومة * بيض الوجوه مصالت الأنجاد حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا * لاقوا على شرف من المرصاد حبرا فأخبرهم حديثا صادقا * عنه ورد معاشر الحساد (1) 42 - عن آمنة بنت أبي سعيد السهمي قالت: امتنع أبو طالب من إتيان اللات والعزى بعد رجوعه من الشام في المرة الأولى، حتى وقع بينه وبين قريش كلام كثير.
فقال لهم أبو طالب: إنه لا يمكنني أن أفارق هذا الغلام ولا مخالفته، وأنه يأبى أن يصير إليهما، ولا يقدر أن يسمع بذكرهما، ويكره أن آتيهما أنا. قالوا:
فلا تدعه وأدبه حتى يفعل ويعتاد عبادتهما.
فقال أبو طالب: هيهات ما أظنكم تجدونه ولا ترونه يفعل أبدا. قالوا:
ولم ذاك؟
قال: لأني سمعت بالشام جميع الرهبان يقولون: هلاك الأصنام على يد هذا الغلام. قالوا: فهل رأيت يا أبا طالب منه شيئا غير هذا الذي تحكيه عن الرهبان؟
فإنه غير كائن أبدا أو نهلك جميعا.
قال: نعم، نزلنا تحت شجرة يابسة فاخضرت وأثمرت فلما ارتحلنا وسرنا