كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٢٦٥
التكليف بالصلاة من دون الطمأنينة أو معها فلا ريب في انقلابه وكونه واقعيا ثانويا إذا الفرض صحة اجتهاد المجتهد فهو مكلف بما حصل له الظن بمقتضى الأدلة الدالة على حجية ذلك الظن فانقلاب الحكم التكليفي للمجتهد مما لا خلاف فيه ولا ريب يعتريه إذ لا يرتاب أحد في أن المجتهد إذا أدى ظنه إلى تحريم عصير العنب مع كونه حلالا في الواقع فقد حرم عليه بجعل الشارع شربه وان حل واقعا فتعلق التحريم به من الشارع مقتضى نفس الدليل الدال على حجية دليل التحريم نعم لو قال قائل بان الأمارات الشرعية لم يجعلها الشارع دليلا ولم يوجب العمل بها وانما يعمل بها المجتهد من جهة إفادتها الظن بالواقع ومن حيث كشفها عن الواقع الذي لا يتمكن من تحصيل العلم به وقد امضى الشارع هذا العمل بمعنى انه أسقط معها التكليف بالواقع لا انه لاحظ في الحكم المظنون مصلحة بعد تعلق الظن به وأوجب العمل به للمصلحة الداعية إليه فيكون جميع ما ورد من الشارع في حجية الأمارات الظنية واردة في مقام بيان الرخصة في العمل بها وعدم تحتم الوصول إلى الواقع إما بالاحتياط أو الفحص الزائد المفضى إلى العلم مع رجائه لكنه خلاف ظاهر تلك الأدلة وظاهر الأصحاب وكيف كان فعلى فرض سريان الخلاف في الجعل وعدمه بالنسبة إلى الحكم التكليفي أيضا نقول إن القول بانقلاب التكليف لا يستلزم جواز الاقتداء لان مجرد موافقة الصلاة للامر الواقعي الثانوي لا يوجب صحة الاقتداء مع كون الصلاة فاسدة عند المأموم ومخالفة للامر الواقعي إذ لا دليل على كفاية مجرد موافقة الامر الشرعي في جواز الاقتداء مع علم المأموم بالفساد واقعا وبالجملة فالاكتفاء في الاقتداء بمجرد مطابقة الصلاة لتكليف الامام لابد له من دليل ولسنا الان بصدره لكن نقول إنه لو اكتفى به لاكتفى به فيما إذا قلنا بعدم انقلاب التكليف إذ حينئذ وان لم تكن الصلاة مطابقة للامر الواقعي الثانوي إذ لا واقعي حينئذ بل مجرد عذر الا انه لا خلاف كما لا ريب في أن الشارع جعله في حكم الواقعي الأولى في اسقاط القضاء والإعادة وحينئذ فيترتب على هذه الصلاة جميع الأحكام الثابتة للصلاة الواقعية وعلى فاعلها جميع أحكام المصلى و منها جواز الاقتداء به والقول بترتب جميع الآثار عليها دون جواز الاقتداء ترجيح من غير مرجح والحاصل ان صحة الاقتداء إن كان من اثار امتثال الامر الواقعي سواء كان واقعيا أوليا أو ثانويا فلا ريب في أن صلاة المجتهد بناء على القول بعدم الجعل أيضا قدر رتب عليه في الطاهر جميع أحكام الصلاة الواقعي فجواز الاقتداء ليس موقوفا على كون الصلاة مأمورا بها واقعا بل يكتفى فيها بكونها في حكم المأمور به الواقعي هذا كله أن أريد بالحكم الذي بنى جواز الاقتداء على انقلابه وعدمه هو الحكم التكليفي الثابت للامام وان أريد به الحكم الوضعي أعني صحة الصلاة وعدمها بان يقال إن كانت هذه الصلاة صحيحة واقعا صح الاقتداء وإن كانت فاسدة اكتفى بها الشارع من فاعلها عذرا
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست