كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٢٦٦
لم يصح الاقتداء فنقول ان أريد من الصحة مطابقة الامر ومخالفته فيؤل الكلام إلى الحكم التكليفي لان الصحة بهذا المعنى تابعة للحكم التكليفي وعدمها لعدمه وقد تقدم الكلام وان أريد بالصحة ترتب الآثار التي رتبها الشارع على أصل الصلاة غير سقوط الامر وتحقق الامتثال مثل جواز الاقتداء وجواز الاستيجار بناء على عدم كونهما من اثار الموافقة للمأمور به واثار سقوط الامر وإن كان مشروطين بكون الصلاة مما يسقط التكليف الا ان سقوط الامر بمجرد لا يكفى في ترتهما فنقول إذا بنينا على حكم الشارع واقعا بصحة الصلاة المجردة عن الطمأنينة الصادرة عمن يرى عدم وجوبها فهذا لا يستلزم جواز الاقتداء لان الصلاة انما جعلت صحيحة بالنسبة إلى المصلى فترتيب جواز الاقتداء من غيره المخالف له في الرأي لا يجوز بل يعتبر جعل الصحة أيضا بالنسبة إلى من يريد ترتيب الأثر فان قلت إن هذا المخالف أيضا حاكم بصحة صلاته لصحة اجتهاده عنده بالفرض قلنا انما يحكم بصحة صلاته بالنظر إلى نفسه ومن شابهه أو قلده ولا يحكم بصحة صلاته بقول مطلق حتى يترتب عليه الأثر والفرق بينه وبين صلاة المتيمم ان المتيمم حكم الشارع بصحة الصلاة الصادرة عنه بالنسبة إلى كل أحد لان دليل صحته عام لكل أحد فإذا قال الشارع الصلاة الصادرة من المتيمم صحيحة يترتب عليه الآثار فلا فرق في هذا الحكم بين المتيمم وغيره فهى صحيحة بالنسبة إلى الكل واما الصلاة الصادرة عمن يرى عدم وجوب الطمأنينة مجردة عنا فالدليل الدال على حجية ظن المجتهد انما دل على صحة الصلاة المذكورة بالنسبة إلى نفس المصلى ومن تبعه ليس الا فالجعل هنا خاص بالمجتهد كما أن المجعول أيضا صحة الفعل الصادر عن خصوص المجتهد ومن تبعه وفي التيمم الجعل عام للمتيمم وغيره وإن كان المجعول صحة الفعل الصادر عن خصوص ذلك المتيمم هذا كل مع قطع النظر عن الجعل الحاصل للمأموم المجتهد في فساد الصلاة من دون الطمأنينة والا فهو أيضا يقتضى عدم ترتب الأثر على الصلاة المجردة على الطمأنينة من أي فاعل صدرت لان ظنه انما تعلق بفساد الصلاة المجردة من أي شخص صدرت فكل صلاة مجردة قد جعلت بالنسبة إليه فاسدة فلا يجوز له ترتيب اثار الصحيح عليها وان صدرت من غيره فلا يجوز له الاقتداء الذي هو من اثار الصحة نعم لو قلنا بان ظنه انما يوجب جعل الحكم بالنسبة إليه في أفعاله الصادرة عنه أو عمن لم يسبق له اجتهادا وتقليد واما بالنسبة إلى من اجتهد أو قلد بخلافه فظنه لا يؤثر جعلا في حقه بالنسبة إلى فعل ذلك المخالف له لكنه فاسد لان ظنه حجة في حقه وليس مظنونه الا حكم الله الواقعي الأول العام لجميع أفعال المكلفين فان قلت يكفي في جواز الاقتداء الحكم بصحة الصلاة بالنسبة إلى المصلى ولا يعتبر صحتها في حق غيره وبعبارة جواز الاقتداء من اثار صحة الصلاة بالنسبة إلى المصلى ولا يعتبر فيه أن يكون صحيحا بالنسبة إلى المأموم قلت فيكفى إذا في جواز الاقتداء الحكم على المصلي بترتيب أثار الصحة وان لم يحكم بنفس الصحة
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست