كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٢٥١
ولا دليل في الاخبار عليه عدا ما ربما يتوهم من قوله (ع) في صحيحة؟ ابن ابن أبي يعفور ويعرف باجتناب الكباير التي اوعد الله عليها النار حيث إنه عطف على قوله بان تعرفوه بالستر والعفاف فيكون المعنى تعرف العدالة بان يعرف باجتناب الكباير لكن لا يخفى ان هذا لا يستلزم أن تكون العدالة عبارة عن نفس الاجتناب بل يمكن ان يكون الاجتناب طريقا إليها وتكون هي الحالة الراسخة فتعرف هذه الحالة من اثارها كما يعرف المؤثر بالآثار معرفة انية وثانيا ان أريد بذلك جعل حسن الظاهر طريقا (تعبديا صح) إلى الاجتناب فلا دلالة على ذلك في الاخبار عدا قوله (ع) في رواية ابن ابن أبي يعفور والدليل على ذلك ان يكون ساترا لعيوبه إلى أخره ولا يخفى انه لا يدل على كون الستر طريقا تعبديا إلى الاجتناب لانصرافه إلى صورة إفادة الستر الظن بالترك ويرشد إليه قوله عليه السلام في ذيله في مقام اعتبار التعاهد للجماعة ولولا ذلك لم يكن لاحد ان يشهد لاحد بالصلاح فان ظاهره ان مداومة الجماعات انما يعتبر لكونه مظنة للصلاح الذي هو عبارة عن عدم فساد أموره لمخالفتها للشرع واما قوله (ع) من عامل الناس فلم يظلمهم إلى قوله فهو ممن ثبتت عدالته فلا يدل أيضا على كون العدالة نفس هذه الأفعال المذكورة وأشباهها بل يدل على كون هذه الأفعال طريقا إلى العدالة فهو على عكس المطلوب أدل اللهم الا ان يجعل هذه الأفعال الثلاثة المذكورة طريقا للحكم بموافقة باقي أموره للشريعة وهي عبارة أخرى عن اجتناب القبايح وكيف كان فجعل نفس الاجتناب عدالة لا دليل عليه فضلا عن جعل حسن الظاهر طريقا إلى الاجتناب والظاهر من كلام المعاصر المذكور المائل إلى هذا الاحتمال ان الداعي إلى هذا دفع ما يورد على كل من القول بالملكة والقول بحسن الظاهر من أن المستر للعيوب الحسن الظاهر عند عامة الناس الواجد لملكة العدالة الذي هو عدل واقعي عند أرباب القولين إذا اطلع منه على معصية خفية لم يتظاهر بها عند أحد فيجب ان يحكم بعدالته على القولين إذ لم ترتفع عنه بمجرد ذلك الملكة ولا حسن الظاهر مع أنه محكوم بعدم العدالة عند من اطلع على ذلك منه اتفاقا على الظاهر واما لو جعلنا العدالة عبارة عن الاجتناب وجعل عن الاجتناب وجعل حسن الظاهر طريقا فلا يلزم ايراد لان الطريق انما يعتبر إذا لم ينكشف الواقع ولا يخفى ان الفرار عن هذا يمكن على القول بالملكة بان يقال إن العدالة هي الملكة الباعثة على ملازمة التقوى فما دامت الملكة متصفة بالبعث على التقوى والزجر عن المعاصي فهى عدالة وإذا وقعت المعصية فالملكة في حال الوقوع غير متصفة بالزجر والبعث ولذا يتصف الفاعل بالفسق ثم لو تاب وذم على ما فعل اتصف الملكة بالبعث والزجر إذ بواسطة اتصافها بالصفة المذكورة ألزمت النفس بالتوبة وحصلت الندامة ولا ينافى ذلك ما سنشير إليه من أن المراد بالملكة الحالة القاهرة لقوتي الشهوة والغضب بالنسبة إلى جميع المعاصي في أغلب الأحوال بان يقال إن هذه الحالة موجودة فيه في حال المعصية لان المراد بهذا التفسير هو ان هذه الحالة لا يجب أن تكون وظيفتها المنع في جميع الأحوال بحيث لا يوجد للانسان حال يغلب فيه القوتان على تلك الحالة القدسية بل يعتبر ان يكون من شأنها الغلبة على القوتين (في الأغلب صح) لكن
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست