كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٢٥٦
المعصية التي من الكبائر مثل انه قتل مرتدا فطريا اعتقد انه مسلم مؤمن......... أعلم ان الأقوال في الكبائر مختلفة جدا ووردت اخبار كثيرة على انها هي ما أو عد الله عليها النار لكن يشكل ان كثيرا من افراد المعاصي التي لم تعد من هذه أكبر بحكم العقل المستقل عند الله مما اوعد الله عليه النار مثل الحبس المحصنة ليزني بها أحد أعظم عند الله من قذفها والدلالة على عورات المسلمين المفضية إلى قتلهم وأسرهم أعظم عند الله من (الفرار عن صح) الزحف أو اكل مال اليتيم وكذا سعاية المؤمن إلى الظالم المفضية إلى قتله أعظم من غيبته بما فيه وهكذا اللهم الا ان يقال إن هذه كلها من أكمل افراد الظلم الذي أوعد الله عليه النار قوله عز وجل انا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وحينئذ فتتسع دائرة الكبائر ويمكن ان يقال إن المراد بما ورد في الاخبار هي الكبائر النوعية وهي التي توعد بالنار على فعل نوعها وغير هذه ليست كبائر بالنوع وإن كان قد يصير بعض اشخاصها كبيرة بل أكبر من بعض الكبائر النوعية ولعله إلى هذا ينظر ما حكى عن بعض من انك ان أردت ان تعرف الفرق بين الكبيرة والصغيرة فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها فان نقصت عن أقل مفاسدها فهى من الصغائر والا فمن الكبائر ثم إن اختلاف الاخبار في عدد الكبائر محمول على اختلاف مراتبها فحينئذ فكلما ثبت بنص معتبر كون الشئ كبيرة فيؤخذ به ولا يعارضه ترك ذكرها في نص اخر والا فإن كان بحسب العقل المستقل أقبح من إحدى الكبائر المنصوصة فهى أيضا كبيرة لأن الظاهر أن اتصاف الذنب بالكبيرة ليس الا من جهة عظمته وشدة قبحه عند الله عز وجل لا لأجل خصوصية مرتبة من القبح أو لخصوصية أخرى فالظاهر أن مثل هذا أيضا قادح في العدالة لعموم ما دل على اعتبار كف الجوارح عن المعاصي فان قلت إن الخارج من هذا العموم هي الصغيرة النفس الامرية وإذا فرض الشك في كونها صغيرة أو كبيرة فكيف يتمسك بالعموم قلت يتمسك حينئذ بأصالة عدم تحقق العدالة فيمن ليس له ملكة الكف عن هذه المعصية المشكوك في كونها كبيرة وقد تعارض بأصالة بقائها فيمن وجدت له ملكة الكف عن جميع المعاصي الا انه ارتكب بعد ذلك تلك المعصية المشكوكة لكن غاية الأمر تعارض الأصلين فيتعين الرجوع إلى أصالة عدم ترتب اثار العدالة هذا مضافا إلى أنه يمكن ان يقال ثم إن قوله في الصحيحة وغيرها مما عرف الكبائر فيها بأنها مما اوعد الله عليها النار يحتمل ان يراد به ما اوعد الله في خصوص ظاهر الكتاب المجيد عليها خصوص عذاب النار وهو الذي قد يدعى تبادره من هذه الفقرة لكن يشكل بان بعض المعاصي المذكورة في الصحيحة تمثيلا للكبائر ليس من هذا القبيل مثل شرب الخمر وعقوق الوالدين والزنا ويحتمل ان يراد بذلك ما اوعد الله عليها النار سواء كان ذلك في الكتاب أو أوحى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وآله فبلغه الأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين وحينئذ فكلما عد في النصوص من الكباير يكشف ذلك عن انه اوعد الله عليها النار ويحتمل ان يراد من النار مطلق العذاب فيكون كلما توعد عليه بالخصوص قد اوعد عليه النار والدليل على ذلك الجمع
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست