كتاب الصلاة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - الصفحة ٢٥٣
الصحيحة الا ذكر العفاف لكان كافيا في المقام من جهة ان العفة من الصفات النفسانية والمراد بها ملكة التعفف عن القبايح ففي الحقيقة الدلالة فيها من وجهين الأول انه اخذ فيها العفة وهي صفة نفسانية بل ملكة من الملكات كما لا يخفى الثاني اخذ الكف حيث إن المراد تحققه على وجه يكون من الأوصاف الثابتة للشخص لا من الافعال الحادثة الصادرة عنه في زمان من الأزمنة ولا يكون ذلك الا مع الحالة الموجبة لكن الذي يخطر بالبال في وجه ذكر هذه الأمور الثلاثة هو ان الستر بنفسه لا يكفى (ما لم يتحقق العفاف وأيضا لا يكفى صح) في تحقق العدالة الا بعد تحقق اثرها وهو الكف فلو تحقق وصف العفة ومع ذلك لم يكف نفسه عن حرام فهو ليس بعادل فالاجتناب فعلا معتبر في العدالة ويقدح فيها ارتكاب القبايح ولو مع بقاء صفة العفة ولما كان ذكر كف الجوارح الأربع بقول مطلق موهما لاشتراط عم مشاهدة المعصية منه أصلا عقبه بقوله ويعرف باجتناب الكبائر التي أو عد الله عليها النار ولما كان العلم بالاجتناب عنها لا يتحقق للغير ولو مع المعاشرة إذا القبايح الخفية مثل الافطار في الخلوة وجماع الحايض ونحو ذلك لا يعلم بالمعاشرة نصب لذلك دليلا ظنيا بقوله والدليل على ذلك كله ان يكون ساترا لعيوبه إلى اخر ما ذكره من اعتبار المواظبة على الجماعة التي تورث الظن بتحقق العفة والصلاح ويوجب حسن ظن الناس ويدل على اعتبار الملكة أيضا الاخبار الأخر الدالة على اعتبار العفة والصيانة والصلاح والوثوق بالدين والأمانة فان كون الثلاثة الأول من الأوصاف الثبوتية لا ينكر والوثوق أيضا لا يحصل الا بعد الظن بل الاطمينان بتحقق الحالة المانعة عما يقتضى خلاف الأمانة ولا يحصل بمجرد رؤية الشخص غير مرتكب لمعصية ولو بعد المعاشرة الا ان يكشف ذلك عن كونه لملكة لا من باب الاتفاق فان مرادنا باعتبار الملكة هو اخراج من يجتنب المحرمات ويأتي بالواجبات على وجه الإطاعة لكن لا لحالة وحدانية باعثة له على إطاعة الله سبحانه في الجميع بل لمجرد اتفاق اختيار الطاعة على المعصية في كل مورد مورد حتى توافقت الاتفاقات فان الظاهر أن هذا ليس بعادل لأنه لا يصدق عليه بمجرد العفة والصلاح ولا يوثق به بمجرد ذلك بقى هنا شئ وهو ان غاية ما دل عليه صحيحة ابن ابن أبي يعفور هو ان معرفة الشخص بهذه الصفات موجب لمعرفة عدالته كما يرشد إليه قوله عليه السلام بعد قول المسائل بم يعرف عدالة الرجل قال بان يعرفوه بالستر والعفاف على أن معرفته بالستر والعفاف طريق إلى معرفة عدالته واما ان العدالة من الصفات والملكات فلا وكذلك الاخبار الأخر انما دلت على اعتبار الصيانة والعفة ونحوهما في الشاهد لا ان هذه بعينها أو الحالة اللازمة المساوية لها هي العدالة وحينئذ فيحتمل أن تكون العدالة عبارة عن استقامة الانسان وعدم انحرافها واقعا عن طريقة الشرع الا ان الشارع جعل هذه الصفات طريقا إلى الاستقامة المذكورة الواقعية ولا ينافى ذلك جعل اجتناب الكبائر طريقا لمعرفة العدالة في قوله (ع) ويعرف باجتناب الكبائر التي اوعد الله عليها النار لان المراد
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست