ينزل عليكم العذاب (1). ثم قال البيهقي: عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس عن محمد بن إسحاق [قال:] حدثني يزيد بن زياد (2) مولى بني هاشم عن محمد بن كعب قال حدثت أن عتبة بن ربيعة (3)، وكان سيدا حليما. قال - ذات يوم وهو جالس في نادي قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد -: يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها ويكف عنا. قالوا: بلى يا أبا الوليد! فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث فيما قال له عتبة وفيما عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من المال والملك وغير ذلك. وقال ابن إسحاق (4) فقال عتبة: يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه إياها ويكف عنا وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون. فقالوا: بلى يا أبا الوليد! فقم إليه وكلمه. فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة (5) في العشيرة والمكان في النسب، وأنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت [به] جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم. فاسمع مني حتى أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها. قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا الوليد اسمع ". قال: يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الامر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت نريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه - أو كما قال له - حتى إذا فرغ عتبة.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أفرغت يا أبا الوليد؟ " قال نعم! قال اسمع مني، قال افعل! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حم تنزل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون) فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها فلما سمع بها عتبة أنصت لها وألقى بيديه خلفه أو خلف ظهره معتمدا عليها ليسمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجدها ثم قال: " سمعت يا أبا الوليد؟
قال سمعت. قال: " فأنت وذاك " ثم قام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله