رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد. فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه، وأما أبو بكر منعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا، إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول أحد أحد. وهكذا رواه الثوري عن منصور عن مجاهد مرسلا. فأما ما رواه ابن جرير قائلا: أخبرنا ابن حميد حدثنا كنانة بن حبلة (1) عن إبراهيم بن طهمان عن حجاج عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص. قال: قلت لأبي: أكان أبو بكر أولكم إسلاما قال: لا! ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين ولكن كان أفضلنا إسلاما. فإنه حديث منكر إسنادا ومتنا. قال ابن جرير وقال آخرون: كان أول من أسلم زيد بن حارثة، ثم روى من طريق الواقدي عن ابن أبي ذئب، سألت الزهري من أول من أسلم من النساء؟ قال خديجة، قلت فمن الرجال؟ قال زيد بن حارثة. وكذا قال عروة وسليمان بن يسار وغير واحد أول من أسلم من الرجال زيد بن حارثة. وقد أجاب أبو حنيفة رضي الله عنه بالجمع بين هذه الأقوال بأن أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الغلمان علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
قال محمد بن إسحاق: فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه دعا إلى الله عز وجل، وكان أبو بكر رجلا مألفا لقومه محببا (2) سهلا، وكان أنسب قريش لقريش، وأعلم قريش بما كان فيها من خير وشر. وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الامر، لعلمه وتجارته وحسن مجالسته. فجعل يدعو إلى الاسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه فأسلم على يديه - فيما بلغني - الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، فانطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم أبو بكر. فعرض عليهم الاسلام وقرأ عليهم القرآن وأنبأهم بحق الاسلام فآمنوا (3)، وكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا [الناس] (4) في الاسلام صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا بما جاء من عند الله. وقال محمد بن عمر الواقدي حدثني الضحاك بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان الوالبي، عن إبراهيم بن محمد بن أبي طلحة (5)، قال: قال طلحة بن