وثبت في الصحيحين أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاثة أيام، وقد أقام عليه السلام بعرصة بدر ثلاثة أيام كما تقدم وكان رحيله منها ليلة الاثنين، فركب ناقته ووقف على قليب بدر فقرع أولئك الذين سحبوا إليه كما تقدم ذكره، ثم سار عليه السلام ومعه الأسارى والغنائم الكثيرة وقد بعث عليه السلام بين يديه بشيرين إلى المدينة بالفتح والنصر والظفر على من أشرك بالله وجحده وبه كفر، أحدهما عبد الله بن رواحة إلى أعالي المدينة، والثاني زيد بن حارثة (1) إلى السافلة. قال أسامة بن زيد فأتانا الخبر حين سوينا [التراب] على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه قد احتبس عندها يمرضها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ضرب له رسول الله بسهمه وأجره في بدر. قال أسامة: فلما قدم أبي - زيد بن حارثة - جئته وهو واقف بالمصلى وقد غشيه الناس وهو يقول: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة. وأبو جهل بن هشام، وزمعة بن الأسود، وأبو البختري العاص بن هشام، وأمية بن خلف، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج. قال قلت: يا أبة أحق هذا؟ قال إي والله يا بني. وروى البيهقي: من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسامة بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم خلف عثمان وأسامة بن زيد على [رقية] (2) بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم [أيام بدر] (3)، فجاء زيد بن حارثة على العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبشارة، قال أسامة: فسمعت الهيعة (4) فخرجت فإذا زيد قد جاء بالبشارة، فوالله ما صدقت حتى رأينا الأسارى. وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان بسهمه (5) وقال الواقدي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من بدر العصر بالأثيل (6) فلما صلى ركعة تبسم فسئل عن تبسمه فقال:
مر بي (7) ميكائيل وعلى جناحه النقع فتبسم إلي وقال: إني كنت في طلب القوم، وأتاه جبريل حين فرغ من قتال أهل بدر، على فرس أنثى معقود الناصية وقد عصم ثنييه الغبار، فقال: يا محمد إن ربي بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى، هل رضيت؟ قال: نعم. قال الواقدي قالوا: وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة من الأثيل فجاءا يوم الأحد حين