إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب وفيه قتلى بدر من المشركين فقال لهم ما قال، قال إنهم ليسمعون ما أقول وإنما قال إنهم الآن ليعلمون إنما كنت أقول لهم حق، ثم قرأت: (وإنك لا تسمع الموتى) [النمل: 81] (وما أنت بمسمع من في القبور) [فاطر: 22] تقول حين تبوؤا مقاعدهم من النار (1). وقد رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة به، وقد جاء التصريح بسماع الميت بعد دفنه في غير ما حديث كما سنقرر ذلك في كتاب الجنائز من الاحكام الكبير إن شاء الله. ثم قال البخاري: حدثني عثمان ثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: " هل وجدتم ما وعد ربكم حقا " ثم قال: " إنهم الآن يسمعون ما أقول لهم " وذكر لعائشة فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق، ثم قرأت (إنك لا تسمع الموتى) حتى قرأت الآية. وقد رواه مسلم عن أبي كريب عن أبي أسامة.
وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع كلاهما عن هشام بن عروة. وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، سمع روح بن عبادة، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها، ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الركي (2) فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان ابن فلان ويا فلان بن فلان يسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ". فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ". قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما (3): وقد أخرجه بقية الجماعة إلا ابن ماجة من طرق عن سعيد بن أبي عروبة. ورواه الإمام أحمد: عن يونس بن محمد المؤدب عن شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة قال: حدث أنس بن مالك فذكر مثله. فلم يذكر أبا طلحة وهذا إسناد صحيح، ولكن الأول أصح وأظهر والله أعلم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، ثنا حماد، عن ثابت، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثة أيام حتى جيفوا، ثم أتاهم فقام عليهم فقال: " يا أمية بن خلف، يا أبا جهل بن هشام، يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا " قال فسمع عمر صوته فقال يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون؟ يقول الله تعالى: (إنك لا