رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد، وهم أبو حذيفة بن عتبة، وعكاشة بن محصن بن حرثان حليف بني أسد بن خزيمة، وعتبة بن غزوان حليف بني نوفل، وسعد بن أبي وقاص الزهري، وعامر بن ربيعة الوائلي حليف بني عدي، وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع التميمي حليف بني عدي أيضا، وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف بني عدي أيضا، وسهل بن بيضاء الفهري (1) فهؤلاء سبعة ثامنهم أميرهم عبد الله بن جحش رضي الله عنه. وقال يونس عن ابن إسحاق: كانوا ثمانية وأميرهم التاسع فالله أعلم.
قال ابن إسحاق: وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه، فيمضي لما أمره به، ولا يستكره من أصحابه أحدا. فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فإذا فيه: إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم، فلما نظر في الكتاب قال: سمعا وطاعة وأخبر أصحابه بما في الكتاب. وقال: قد نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد. وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن، فوق الفرع يقال له بحران، أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة، فمرت عير لقريش فيها عمرو بن الحضرمي، قال ابن هشام: واسم الحضرمي عبد الله بن عباد [أحد] (2) الصدف (3) وعثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة، فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه. فلما رأوه أمنوا، وقال عمار: لا بأس عليكم منهم، وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب، فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم، وهابوا الاقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وقابل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش