البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ١٢٦
الحيوانات الحمار * ودخل إبليس متعلقا بذنب الحمار. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني هشام بن سعد بن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال أصحابه وكيف نطمئن أو كيف تطمئن المواشي ومعنا الأسد فسلط الله عليه الحمى فكانت أول حمى نزلت في الأرض * ثم شكوا الفارة فقالوا الفويسقة (1) تفسد علينا طعامنا ومتاعنا فأوحى الله إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها " هذا مرسل * وقوله (وأهلك إلا من سبق عليه القول) أي من استجيبت فيهم الدعوة النافذة ممن كفر فكان منهم ابنه يام (2) الذي غرق كما سيأتي بيانه (ومن آمن) أي واحمل فيها من آمن بك من أمتك قال الله تعالى (وما آمن معه إلا قليل) هذا مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ودعوتهم الأكيدة ليلا ونهارا بضروب المقال وفنون التلطفات والتهديد والوعيد تارة والترغيب والوعد أخرى.
وقد اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة فعن ابن عباس كانوا ثمانين نفسا معهم نساؤهم. وعن كعب الأحبار كانوا اثنين وسبعين نفسا. وقيل كانوا عشرة وقيل إنما كانوا نوحا وبنيه الثلاثة وكنائنه الأربع بامرأة يام الذي انخزل وانعزل وسلل عن طريق النجاة فما عدل إذ عدل. وهذا القول فيه مخالفة لظاهر الآية بل هي نص في أنه قد ركب معه غير أهله طائفة ممن آمن به كما قال (ونجني ومن معي من المؤمنين) وقيل كانوا سبعة وأما امرأة نوح وهي أم أولاده كلهم وهم حام وسام ويافث ويام وتسميه أهل الكتاب كعنان وهو الذي قد غرق وعابر وقد ماتت قبل الطوفان. قيل إنها غرقت مع من غرق وكانت ممن سبق عليه القول لكفرها وعند أهل الكتاب أنها كانت في السفينة فيحتمل أنها كفرت بعد ذلك أو أنها أنظرت ليوم القيامة والظاهر الأول قوله (لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) قال الله تعالى (فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين. وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين) [المؤمنون: 28 - 29] أمره أن يحمد ربه على ما سخر له من هذه السفينة فنجاه بها وفتح بينه وبين قومه وأقر عينه ممن خالفه وكذبه كما قال تعالى (الذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون. لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) [الزخرف: 12 - 14]. وهكذا يؤمر بالدعاء في ابتداء الأمور أن يكون على الخبر والبركة وأن تكون عاقبتها محمودة كما قال تعالى

(1) الفويسقة: الفأرة وقيل سميت فويسقة لخروجها على الناس واغتيالها إياهم في أموالهم بالفساد. (الدميري 2 / 399).
(2) في أحكام القرطبي: كنعان وامرأته واعلة.
وفي الطبري: كنعان وهو الذي تسميه العرب يام وهو الذي غرق في الطوفان.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391