البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ١٢٠
أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي حيان عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: " فيأتون آدم فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة ألا تشفع لنا إلى ربك؟ ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول ربي قد غضب غضبا شديدا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله. ونهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما بلغنا؟ ألا تشفع لنا إلى ربك عز وجل؟
فيقول ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله نفسي نفسي " (1).
وذكر تمام الحديث بطوله كما أورده البخاري في قصة نوح.
فلما بعث الله نوحا عليه السلام دعاهم إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له وأن لا يعبدوا معه صنما ولا تمثالا ولا طاغوتا وأن يعترفوا بوحدانيته وأنه لا إله غيره ولا رب سواه كما أمر الله تعالى من بعده من الرسل الذين هم كلهم من ذريته كما قال تعالى (وجعلنا ذريته هم الباقين) [الصافات: 77] وقال فيه وفي إبراهيم (وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب) [الحديد: 26] أي كل نبي من بعد نوح فمن ذريته. وكذلك إبراهيم قال الله تعالى (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [النحل: 36] وقال تعالى (واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) [الزخرف: 45] وقال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول الا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) [الأنبياء: 25] ولهذا قال نوح لقومه (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) وقال (ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم) وقال (يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون) وقال (يا قوم اني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون. يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون * قال رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم اني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا. فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا * ما لكم لا ترجون لله وقارا. وقد خلقكم أطوارا) الآيات الكريمات.
فذكر أنه دعاهم إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والاجهار بالترغيب تارة والترهيب أخرى وكل هذا فلم ينجح فيهم بل استمر أكثرهم على الضلالة والطغيان وعبادة

(1) رواه مسلم في صحيحه، والبخاري. وأبو داود والترمذي وأحمد في مسنده 2 / 398.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391