البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٩٤
الله عنه فقال: حدثنا الحارث بن مسكين المصري حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قال موسى عليه السلام يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة فأراه آدم عليه السلام * فقال أنت آدم * فقال له آدم نعم قال أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وعلمك الأسماء كلها * قال:
نعم * قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة فقال له آدم: من أنت قال: أنا موسى * قال: أنت موسى نبي بني إسرائيل أنت الذي كلمك الله من وراء الحجاب فلم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه * قال: نعم * قال تلومني على أمر قد سبق من الله عز وجل القضاء به قبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فحج آدم موسى فحج آدم موسى " ورواه أبو داود عن أحمد بن صالح المصري عن ابن وهب به. قال أبو يعلى، وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي حدثنا عمران عن الرديني عن أبي مجلز عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر عن عمر قال أبو محمد أكبر ظني أنه رفعه * قال: " التقى آدم وموسى فقال موسى لآدم: أنت أبو البشر أسكنك الله جنته وأسجد لك ملائكته. قال آدم: يا موسى أما تجده علي مكتوبا * قال فحج آدم موسى فحج آدم موسى " وهذا الاسناد أيضا لا بأس به والله أعلم.
وقد تقدم رواية الفضل بن موسى لهذا الحديث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد * ورواية الإمام أحمد له عن عفان عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن رجل * قال حماد أظنه جندب بن عبد الله البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لقي آدم موسى " فذكر معناه.
وقد اختلف مسالك الناس في هذا الحديث فرده قوم من القدرية لما تضمن من إثبات القدر السابق * واحتج به قوم من الجبرية وهو ظاهر لهم بادئ الرأي حيث قال " فحج آدم موسى " لما احتج عليه بتقديم كتابه وسيأتي الجواب عن هذا، وقال آخرون إنما حجه لأنه لامه على ذنب قد تاب منه والتائب من الذنب كمن لا ذنب له * وقيل إنما حجه لأنه أكبر منه وأقدم * وقيل لأنه أبوه * وقيل لأنهما في شريعتين متغايرتين * وقيل لأنهما في دار البرزخ وقد انقطع التكليف فيما يزعمونه.
والتحقيق أن هذا الحديث روي بألفاظ كثيرة بعضها مروي بالمعنى. وفيه نظر. ومدار معظمها في الصحيحين وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنة فقال له آدم أنا لم أخرجكم وإنما أخرجكم الذي رتب الاخراج على أكلي من الشجرة والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق هو الله عز وجل فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر ما أني نهيت عن الاكل من الشجرة فأكلت منها وكون الاخراج مترتبا على ذلك ليس من فعلي فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة وإنما كان هذا من قدرة الله وصنعه وله الحكمة في ذلك فلهذا حج آدم موسى.
ومن كذب بهذا الحديث فمعاند لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه وناهيك به عدالة
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391