البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٥٩
مسلم * قال كثير من علماء التفسير خلقت الجن قبل آدم عليه السلام وكان قبلهم في الأرض الحن والبن فسلط الله الجن عليهم فقتلوهم وأجلوهم عنها وأبادوهم منها وسكنوها بعدهم. وذكر السدي في تفسيره عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك الدنيا وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن وإنما سموا الجن لأنهم خزان الجنة. وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره إنما أعطاني الله هذا لمزية لي على الملائكة. وذكر الضحاك عن ابن عباس أن الجن لما أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء بعث الله إليهم إبليس ومعه جند من الملائكة فقتلوهم وأجلوهم عن الأرض إلى جزائر البحور.
وقال محمد بن إسحاق عن خلاد عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس كان اسم إبليس قبل أن يرتكب المعصية عزازيل. وكان من سكان الأرض ومن أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما وكان من حي يقال لهم الجن * وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عنه كان اسمه عزازيل وكان من أشرف الملائكة من أولي الأجنحة الأربعة * وقد أسند عن حجاج عن ابن جريج قال ابن عباس كان إبليس من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة * وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا. وكان له سلطان الأرض * وقال صالح مولى التوأمة عن ابن عباس كان يسوس ما بين السماء والأرض رواه ابن جرير وقال قتادة عن سعيد بن المسيب كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا * وقال الحسن البصري لم يكن من الملائكة طرفة عين وأنه لأصل الجن كما أن آدم أصل البشر * وقال شهر ابن حوشب وغيره كان إبليس من الجن الذين طردوهم الملائكة فأسره بعضهم وذهب به إلى السماء. رواه ابن جرير * قالوا فلما أراد الله خلق آدم ليكون في الأرض هو وذريته من بعده وصور جثته منها جعل إبليس وهو رئيس الجان وأكثرهم عبادة إذ ذاك وكان اسمه عزازيل يطيف به فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك * وقال أما لئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت علي لأعصينك فلما أن نفخ الله في آدم من روحه كما سيأتي وأمر الملائكة بالسجود له دخل إبليس منه حسد عظيم وامتنع من السجود له وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فخالف الامر واعترض على الرب عز وجل وأخطأ في قوله وابتعد من رحمة ربه وأنزل من مرتبته التي كان قد نالها بعبادته وكان قد تشبه بالملائكة ولم يكن من جنسهم لأنه مخلوق من نار وهم من نور فخانه طبعه في أحوج ما كان إليه ورجع إلى أصله الناري (فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين) [الحجر: 30] وقال تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) [الكهف: 50].
فأهبط إبليس من الملأ الأعلى وحرم عليه قدر أن يسكنه فنزل إلى الأرض حقيرا ذليلا مذؤما مدحورا متوعدا بالنار هو ومن اتبعه من الجن والإنس إلا أنه مع ذلك جاهد كل الجهد على إضلال
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391