ومنهم سكان السماوات السبع يعمرونها عبادة دائبة ليلا ونهارا صباحا ومساء كما قال [تعالى]: (يسبحون الليل والنهار لا يفترون) [الأنبياء: 20] فمنهم الراكع دائما والقائم دائما والساجد دائما * ومنهم الذين يتعاقبون زمرة بعد زمرة إلى البيت المعمور كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم.
ومنهم الموكلون بالجنان وإعداد الكرامة لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها من ملابس ومصاغ ومساكن ومآكل ومشارب وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وخازن الجنة ملك يقال له رضوان جاء مصرحا به في بعض الأحاديث.
ومنهم الموكلون بالنار وهم الزبانية * ومقدموهم تسعة عشر وخازنها مالك وهو مقدم على جميع الخزنة. وهم المذكورون في قوله تعالى (وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب) [غافر: 49] الآية. وقال تعالى (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك.
قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون) [الزخرف: 77] وقال تعالى (عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) [التحريم: 6] وقال تعالى (عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أتوا الكتاب ويزداد الدين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا * كذلك يضل الله من يشاء ويهدى من يشاء * وما يعلم جنود ربك إلا هو) [المدثر: 31].
وهم الموكلون بحفظ بني آدم كما قال تعالى (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به. ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار * له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظون من أمر الله ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) [الرعد: 10].
قال الوالبي عن ابن عباس (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) وهي الملائكة وقال عكرمة عن ابن عباس يحفظونه من أمر الله * قال ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدر الله خلوا عنه وقال مجاهد ما من عبد إلا وملك موكل بحفظه في نومه.
ويقظته من الجن والإنس والهوام. وليس شئ يأتيه يريده إلا وقال وراءك إلا شئ يأذن الله فيه فيصيبه. وقال أبو أسامة (1): ما من آدمي إلا ومعه ملك يذود عنه حتى يسلمه للذي قدر له.
وقال أبو مجلز جاء رجل إلى علي فقال: إن نفرا من مراد يريدون قتلك فقال إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه وإن الاجل جنة (2) حصينة.