البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٣٤٢
تعقلون) [البقرة: 67 - 73] قال ابن عباس وعبيدة السلماني وأبو العالية ومجاهد والسدي وغير واحد من السلف: كان رجل (1) في بني إسرائيل كثير المال، وكان شيخا كبيرا، وله بنو أخ وكانوا يتمنون موته ليرثوه، فعمد أحدهم فقتله في الليل وطرحه في مجمع الطرق، ويقال على باب رجل منهم، فلما أصبح الناس اختصموا فيه، وجاء ابن أخيه فجعل يصرخ ويتظلم، فقالوا ما لكم تختصمون ولا تأتون نبي الله، فجاء ابن أخيه فشكى أمر عمه إلى (2) رسول الله موسى عليه السلام فقال موسى عليه السلام: أنشد الله رجلا عنده علم من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به فلم يكن عند أحد منهم علم منه، وسألوه أن يسأل في هذه القضية ربه عز وجل فسأل ربه عز وجل في ذلك فأمره الله أن يأمرهم بذبح بقرة؟ فقال: (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا) يعنون نحن نسأل عن أمر هذا القتيل، وأنت تقول هذا (قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) أي أعوذ بالله أن أقول عنه غير ما أوحى إلي. وهذا هو الذي أجابني حين سألته عما سألتموني عنه أن أسأله فيه. قال ابن عباس وعبيدة ومجاهد وعكرمة والسدي وأبو العالية وغير واحد فلو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها، ولكنهم شددوا، فشدد عليهم، وقد ورد فيه حديث مرفوع. وفي إسناده ضعف فسألوا عن صفتها ثم عن لونها ثم عن سنها فأجيبوا بما عز وجوده عليهم، وقد ذكرنا في تفسير ذلك كله في التفسير. والمقصود أنهم أمروا بذبح بقرة عوان وهي الوسط بين النصف (3)، الفارض وهي الكبيرة (4)، والبكر وهي الصغيرة، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو العالية وعكرمة والحسن وقتادة وجماعة. ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم فسألوا عن لونها فأمروا بصفراء فاقع لونها أي مشرب بحمرة تسر الناظرين * وهذا اللون عزيز. ثم شددوا أيضا (فقالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون) ففي الحديث المرفوع الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه: " لولا أن بني إسرائيل استثنوا لما أعطوا (5) وفي صحته نظر، والله أعلم (قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها. قالوا ألآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون) وهذه الصفات أضيق مما تقدم حيث أمروا بذبح بقرة ليست بالذلول وهي المذللة بالحراثة وسقي الأرض بالسانية مسلمة وهي

(١) اسمه عاميل كما في أحكام القرآن.
(٢) وكان هذا الامر قبل نزول القسامة في التوراة; والقسامة أن يبدأ المدعون بالايمان فإن حلفوا استحقوا، وإن نكلوا حلف المدعي عليهم خمسين يمينا وبرءوا.
(٣) عوان: النصف التي ولدت بطنا أو بطنين.
(٤) الفارض: أي المسنة، وقيل التي ولدت بطونا كثيرة فيتسع جوفها لذلك.
(٥) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٦ / ٣١٤ وقال: رواه البزار وفيه عباد بن منصور وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات.
عباد بن منصور: الناجي، قال النسائي ليس بالقوي / الكاشف ج ٢ / ٥٦. أبو سلمة البصري صدوق رمي بالقدر وكان يدلس تغير بآخرة تقريب التهذيب ٢ / 107 / 393.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391