البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
امهت وكنت لا أنسى حديثا * كذاك الدهر يزري بالعقول.
فقال لقومه وللملك (أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) أي فأرسلوني إلى يوسف فجاءه فقال (يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون) وعند أهل الكتاب أن الملك لما ذكره له الساقي استدعاه إلى حضرته وقص عليه ما رآه ففسره له وهذا غلط والصواب ما قصه الله في كتابه القرآن لا ما عرفه هؤلاء الجهلة الثيران، من قراى وربان (1). فبذل يوسف عليه السلام ما عنده من العلم بلا تأخر ولا شرط ولا طلب الخروج سريعا بل أجابهم إلى ما سألوا وعبر لهم ما كان من منام الملك الدال على وقوع سبع سنين من الخصب ويعقبها سبع جدب (2) * (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس) يعني يأتيهم الغيث والخصب والرفاهية (وفيه يعصرون) يعني ما كانوا يعصرونه من الأقصاب والأعناب والزيتون والسمسم وغيرها فعبر لهم. وعلى الخير دلهم وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم وما يفعلونه من ادخار حبوب سني الخصب في السبع الأول في سنبله إلا ما يرصد بسبب الاكل ومن تقليل البذر في سني الجدب في السبع الثانية إذ الغالب على الظن أنه لا يرد البذر من الحقل * وهذا يدل على كمال العلم وكمال الرأي والفهم.
(وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فأسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم. قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين. ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين * وما أبرئ نفسي أن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم) [يوسف: 50 - 53]. لما أحاط الملك علما بكمال علم يوسف عليه الصلاة والسلام وتمام عقله ورأيه السديد وفهمه أمر بإحضاره إلى حضرته ليكون من جملة خاصته فلما جاءه الرسول بذلك أحب أن لا يخرج حتى يتبين لكل أحد أنه حبس ظلما وعدوانا وأنه برئ الساحة مما نسبوه إليه بهتانا (قال ارجع إلى ربك) يعني الملك (فأسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ان ربي بكيدهن عليم) قيل معناه إن سيدي العزيز يعلم براءتي مما نسب إلي أي فمر الملك فليسألهن كيف كان امتناعي الشديد عند مراودتهن إياي وحثهن لي على الامر الذي ليس برشيد ولا سديد. فلما سئلن عن ذلك اعترفن بما وقع من الامر وما كان منه من الامر الحميد (وقلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء) فعند ذلك (قالت امرأة العزيز) وهي زليخا (الآن حصحص الحق) أي ظهر وتبين ووضح والحق أحق أن يتبع (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) أي فيما يقوله من أنه برئ وانه لم يراودني وأنه حبس ظلما

(1) في نسخة: من فرى وهذيان وفي أخرى: من افتراء وهذيان; وما في النسخ المطبوعة تحريف.
(2) فالسمان المخاصيب والعجاف هن السنون المحول الجدوب.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391