البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين. اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين. قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين) [يوسف: - 10].
ينبه تعالى على ما في هذه القصة من الآيات والحكم والدلالات والمواعظ والبينات. ثم ذكر حسد إخوة يوسف له على محبة أبيه له ولأخيه يعنون شقيقه لامه بنيامين أكثر منهم وهم عصبة أي جماعة يقولون فكنا نحن أحق بالمحبة من هذين (إن أبانا لفي ضلال مبين) أي بتقديمه حبهما علينا * ثم اشتوروا فيما بينهم في قتل يوسف أو إبعاده إلى أرض لا يرجع منها ليخلو لهم وجه أبيهم أي لتتمحض (1) محبته لهم وتتوفر عليهم وأضمروا التوبة بعد ذلك. فلما تمالؤا على ذلك وتوافقوا عليه (قال قائل منهم) قال مجاهد هو شمعون * وقال السدي هو يهودا * وقال قتادة ومحمد بن إسحاق هو أكبرهم روبيل (لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة) أي المارة من المسافرين (ان كنتم فاعلين) ما تقولون لا محالة فليكن هذا الذي أقول لكم فهو أقرب حالا من قتله أو نفيه وتغريبه فأجمعوا رأيهم على هذا فعند ذلك (قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون. قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون. قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون) [يوسف: 11 - 14] طلبوا من أبيهم أن يرسل معهم أخاهم يوسف وأظهروا له أنهم يريدون أن يرعى معهم وأن يلعب وينبسط وقد أضمروا له ما الله به عليم فأجابهم الشيخ عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم. يا بني يشق علي أن أفارقه ساعة من النهار ومع هذا أخشى أن تشتغلوا في لعبكم وما أنتم فيه فيأتي الذئب فيأكله ولا يقدر على دفعه عنه لصغره وغفلتكم عنه.
(قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون) أي لئن عدا عليه الذئب فأكله من بيننا أو اشتغلنا عنه حتى وقع هذا ونحن جماعة إنا إذا لخاسرون أي عاجزون هالكون.
وعند أهل الكتاب أنه أرسله وراءهم يتبعهم فضل عن الطريق حتى أرشده رجل إليهم.
وهذا أيضا من غلطهم وخطئهم في التعريب فإن يعقوب عليه السلام كان أحرص عليه من أن يبعثه معهم فكيف يبعثه وحده (فلما ذهبوا به وأجمعوا ان يجعلوه في غيابت (2) الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون وجاؤا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين. وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل. والله المستعان على ما تصفون) [يوسف: 15 - 18] لم يزالوا بأبيهم حتى بعثه معهم فما كان إلا أن غابوا عن عينيه فجعلوا يشتمونه ويهينونه بالفعال والمقال

(1) تتمحض المحبة: تكون خالصة لهم.
(2) غيابة الجب: غوره.
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391