وقعة الخندق ثم كانت وقعة الخندق، وهو يوم الأحزاب، في السنة السادسة بعد مقدم رسول الله بالمدينة بخمسة وخمسين شهرا، وكانت قريش تبعث إلى اليهود وسائر القبائل فحرضوهم على قتال رسول الله، فاجتمع خلق من قريش إلى موضع يقال له سلع، وأشار عليه سلمان الفارسي أن يحفر خندقا، فحفر الخندق وجعل لكل قبيلة حدا يحفرون إليه، وحفر رسول الله معهم حتى فرغ من حفر الخندق وجعل له أبوابا وجعل على الأبواب حرسا، من كل قبيلة رجلا، وجعل عليهم الزبير بن العوام وأمره إن رأى قتالا أن يقاتل. وكانت عدة المسلمين سبعمائة رجل. ووافى المشركون فأنكروا أمر الخندق وقالوا: ما كانت العرب تعرف هذا. وأقاموا خمسة أيام. فلما كان اليوم الخامس خرج عمرو بن عبد ود وأربعة نفر من المشركين: نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وعكرمة ابن أبي جهل وضرار بن الخطاب الفهري وهبيرة بن أبي وهب المخزومي، فخرج علي بن أبي طالب إلى عمرو بن عبد ود فبارزه وقتله وانهزم الباقون، وكبا بنوفل بن عبد الله بن المغيرة فرسه فلحقه علي فقتله. وبعث الله، عز وجل، على المشركين ريحا وظلمة فانصرفوا هاربين لا يلوون على شئ حتى ركب أبو سفيان ناقته وهي معقولة. فلما بلغ رسول الله ذلك، قال: عوجل الشيخ.
وكانت الحرب على ما روى بعضهم ثلاثة أيام بالرمي بغير مجالدة ولا مبارزة.
واتصلت في اليوم الثالث حتى فاتت صلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة، فقال رسول الله: شغلونا عن الصلاة، ملا الله بطونهم وقبورهم نارا. ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء وذلك قبل أن ينزل عليه: " فإن خفتم فرجالا أو ركبانا "،