فهو خير، فمن كان خاشن البطن، فإن المياه الخفيفة الصافية له نافعة، ولمن كان بطنه لينا لدنا بلغميا ضارة، فإن المياه المالحة تسهل البطن، فقد أخطأ.. (1) ومياه الأمطار خفيفة عذبة، والشمس تخطف من الماء رقيقه وخفيفه، وتصعد الماء من الأنهار والبحور والمواضع الرطبة، ولذلك صارت مياه الأمطار تعفن وتنشر رائحة ردية لأنها اجتمعت من رياح شتى، صارت أسرع عفنا وتغيرا، فإن الرطوبة التي تنشفها الشمس متفرقة لا تزال معلقة في الهواء، فإذا اجتمعت كلها، والتفت بالرياح المتضادة اللاقية بعضها بعضا، انصبت حينئذ، ولا سيما إذا كانت المقايسة كما ينبغي، وأكثر ما يكون هذا إذا استحكم اجتماع السحاب، واستقبلته ريح أخرى، فمزقته، وإذا تزاحمت سحابة أخرى على السحابة الأولى، وقطعتها، انحدرت حينئذ الرطوبة من ثقلها، وتمزقها الرياح، فتكون الأمطار السابغة، فهذه المياه أفضل المياه، إلا أنه ينبغي أن تكون رائحتها ردية، ويعرض لمن شرب منها البحة والسعال، وثقل الصوت، وإذا طبخت لم يغن عنها الطبخ شيئا.
وأما المياه التي تكون من الثلوج والجليد، فكلها ردية لأنها، إذا جمدت مرة، لم ترجع إلى طبيعتها الأولى لان ما كان من الماء خفيفا، عذبا، صافيا، نقيا، أفلت من الجمود، وطار، وما كان من الماء كدرا بقي على حاله، ويعرف ذلك بأنه لو صير في إناء في أيام الشتاء، وكيل بكيل معلوم، ووضع تحت السماء جمد، فإن وضع في الشمس حتى ينحل ثم كيل ذلك الماء، وجد وقد نقص نقصانا بينا، فذلك العلامة ان لطيف الماء يتنفس، ولا يقع عليه الجمود، ولا يتنفس، ولا يبرح..... (2)، وماء الثلوج أردأ المياه، وإذا شرب الناس المياه المختلفة عرض لهم الأسر والحصاة في المثانة، ووجع الخاصرة، ووجع الوركين، وفي الأنثيين أدرة، ولا سيما إذا شربوا من مياه أنهار تنصب .