هوائها غير معتدل، كانت صورهم خاشنة، وألوانهم إلى الصفرة، أو إلى السواد، وأخلاقهم ردية، وغضبهم شديد، وطباعهم مخالفة بعضها بعضا، لان باختلاف الأزمان يكون اختلاف الطبائع، ثم بعد الأزمان والبلاد الغذاء بالمياه لان غذاء الانسان، من بعد البلاد، بالمياه.
ثم يتكلم ابقراط بعد ذلك في الرياح وهبوبها، والتي تهب من موضع إلى موضع، وقسمها أربعة أقسام، ويقول: ان الريح من تخلل الهواء، وإنما نشوءها من اصطكاك أجرام الهواء. فهذه أغراض كتاب ابقراط في الأهوية والأزمنة، الذي فسره جالينوس، وشرح ما ذهب إليه ابقراط في فصل فصل ومعنى معنى.
فهذه كتب ابقراط التي عليها يعتمد وإليها يرجع، وهذه أغراضها، وقد فسرها جالينوس وشرح كل ما فصله له، وذهب إليه، وابان عن قوله، وترجم معانيه وأوضحها.
فأما كتاب ماء الشعير، فإنه يذكر فيه الأمراض الحادة التي تسمى:
وجع الجنب والرئة، والبرسام، والحمى المحرقة، وأخبر كيف يشرب ماء الشعير، والأيام التي يكون شربه فيها، وكيف يدبر، ومتى الأوقات التي ينبغي أن يشرب فيها، والأوقات التي يمنع منها، وما يكون الطعام عليه، وذكر صنوفا من العلل الحادة والأمراض المحرقة، وقال في كل صنف منها.
وأما كتابه الذي يسميه كتاب الأركان فإن معنى الأركان، أي الطبائع الأربع: الحرارة والرطوبة، والبرودة واليبوسة، وأركان البدن وهي العصب والعروق، والعظام، والجلد، والدم، فهذه أركان بها قوام العالم.
قال ابقراط: إن الأجسام لو كانت شيئا واحدا لم تصل الأوجاع إليها أبدا، ولكنها من أشياء مختلفة وطبائع متباعدة، مضر بعضها ببعض، وطبيعة الانسان وسائر الحيوان، إذا صارت على هذه الصفة، فمن الضرورة ألا يكون الانسان شيئا واحدا بعينه، وكذلك سائر الطبائع، إنما قوامها بالرطوبة واليبس، والحر