فقل ما يضيره تغير الهواء، وكل مدينة يشرب أهلها ماء ساخنا، بطاحيا، وليست موضوعة سمت الشرق، وليست رياحها سليمة، ضير بأهلها تغير الهواء، وإن كان الصيف يابسا عاما ذهبت الأمراض سريعا، وإن كان كثير الأمطار طالت الأمراض، وان عرض لاحد من الناس قرحة في هذه الأسقام، أو البطن، أو الماء الأصفر، هلك.
وإذا كان الصيف كثير الأمطار، وكان جنوبيا، والخريف، كمثل ما كان الشتاء، يابسا سقيما، فتعرض للمبلغمين والشيوخ أبناء أربعين سنة حمى تسمى القوسوس، وأما أصحاب المرة الصفراء، فيعرض لهم ذات الجنب، ووجع الرئة.
وإذا كان الصيف يابسا جنوبيا، وكان الخريف كثير الأمطار شماليا، عرض للناس وجع الرأس، وسعال، وبحوحة، وزكام، وعرض لبعضهم السل.
وإذا كان الصيف يابسا شماليا ولم يمطر عند طلوع الشعرى نفع أصحاب البلغم والرطوبات، وأضر بأصحاب المرة الصفراء، وربما نقلهم إلى المرة السوداء، والتغير الكثير يكون في تصرف الشمس، والتصرف الصيفي أكثر تغيرا من الشتوي، والخريفي أكثر تغيرا من الربيعي، وكل بلد يكثر تغير زمانه لا يكون مستويا، ويكون فيه جبال طوال، سامية شامخة، وكل بلد يقل تغير زمانه فهو مستو.
ثم يذكر ابقراط اختلاف صور الناس في أحوالهم واعتدال خلقهم، والسبب الذي أشبه بعضهم بعضا، وان ذلك باتفاق الزمان والمطالع، ويذكر حال الرجال والنساء في كثرة الأولاد وقلتهم، وما يوجب النسل ويقطعه، ويقولون: إن سكان البلاد الشاهقة، المستوية، الكثيرة المياه، تكون صورهم حسنة وأجسامهم جسيمة، وتكون غرائزهم إلى اللين والتؤدة، وليسوا بأهل بأس وشجاعة، ومن سكن أرضا رقيقة قليلة المياه، جرداء، وكان مزاج