سام بن نوح وقام سام بن نوح، بعد أبيه، بعبادة الله تعالى وطاعته، وكان قد ولد له رفخشد، بعد أن أتت عليه مائة سنة وسنتان، ثم انطلق، وفتح السفينة، فأخذ جسد آدم، فهبط به سرا من أخويه وأهله، ودعا أخويه يافثا وحاما، فقال لهما:
إن أبي أوصى إلي وأمرني أن آتي البحر، فأنظر في الأرض ثم أرجع، فلا تتحركوا حتى آتيكم، واستوصوا بأمر أتي وبني خيرا، فقال له أخواه: اذهب في حفظ الله، فإنك قد علمت أن الأرض خربة ونخاف عليك السباع. قال سام:
إن الله تعالى يبعث ملكا من الملائكة، فلا أخاف، إن شاء الله تعالى، شيئا.
ودعا سام ابنه لمكا فقال له ولامرأته: يا وزدق! أرسلا معي ابنكما ملكيزدق يؤنسني في الطريق. فقالا له: اذهب راشدا! فقال سام لأخويه وأهله وولده:
قد علمتم أن أبانا نوحا قد أوصى إلي، وأمرني أن أختم السفينة، فلا أدخلها أنا، ولا أحد من الناس، فلا يقربن السفينة منكم أحد.
ثم إن ساما خرج ومعه ابنه، فعرض لهما الملك، فلم يزل معهما حتى صار بهما إلى الموضع الذي أمروا أن يضعوا جسد آدم فيه، فيقال إنه بمسجد منى عند المنارة، ويقول أهل الكتاب: بالشأم في الأرض المقدسة، فانفتحت الأرضون، فوضعوا الجسد فيها، ثم انطبقت عليه. وقال سام لملكيزدق ابن لمك بن سام: اجلس هاهنا، وأحسن عبادة الله، فإن الله يرسل إليك في كل يوم ملكا من الملائكة يؤنسك، ثم سلم عليه، وانصرف، فأتى أهله، فسأله ابنه لمك عن ملكيزدق، فقال: إنه قد مات في الطريق، فدفنته، فحزن عليه أبوه وأمه.
ثم حضرت ساما الوفاة فأوصى إلى ابنه أرفخشد، ومات سام يوم الخميس لسبع خلون من أيلول، وكانت حياته ستمائة سنة.