الناحية وسألتهم عن ذلك، فكل قال مثل قوله، وقد وهم فيه قوم فرووه بالجيم. وبأذرح إلى الجرباء كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري، وقيل: بدومة الجندل، والصحيح أذرح والجرباء، ويشهد بذلك قول ذي الرمة يمدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري:
أبوك تلافى الدين والناس، بعدما تساءوا، وبيت الدين منقطع الكسر فشد إصار الدين، أيام أذرح، ورد حروبا قد لقحن إلى عقر وكان الأصمعي يلعن كعب بن جعيل، لقوله في عمرو بن العاص:
كأن أبا موسى عشية أذرح، يطيف بلقمان الحكيم يواربه فلما تلاقوا في تراث محمد سمت بابن هند، في قريش، مضاربه يعني بلقمان الحكيم عمرو بن العاص، وقال الأسود ابن الهيثم:
لما تداركت الوفود بأذرح وفي أشعري لا يحل له غدر أدى أمانته ووفى نذره عنه، وأصبح فيهم غادرا عمرو يا عمرو إن تدع القضية تعرف ذل الحياة وينزع النصر ترك القران فما تأول آية، وارتاب إذ جعلت له مصر وفتحت أذرح والجرباء في حياة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سنة تسع، صولح أهل أذرح على مائة دينار جزية.
أذرعات: بالفتح، ثم السكون، وكسر الراء، وعين مهملة، وألف وتاء. كأنه جمع أذرعة، جمع ذراع جمع قلة: وهو بلد في أطراف الشام، يجاور أرض البلقاء وعمان، ينسب إليه الخمر، وقال الحافظ أبو القاسم: أذرعات مدينة بالبلقاء.
وقال النحويون بالتثنية والجمع تزول الخصوصية عن الاعلام، فتنكر وتجري مجرى النكرة من أسماء الأجناس، فإذا أردت تعريفه، عرفته بما تعرف به الأجناس، وأما نحو أبانين وأذرعات وعرفات فتسمية ابتداء تثنية وجمع، كما لو سميت رجلا بخليلان، أو مساجد، وإنما عرف مثل ذلك بغير حرف تعريف، وجعلت أعلاما لأنها لا تفترق، فنزلت منزلة شئ واحد، فلم يقع إلباس، واللغة الفصيحة في عرفات الصرف، ومنع الصرف لغة، تقول: هذه عرفات وأذرعات، ورأيت عرفات وأذرعات، ومررت بعرفات وأذرعات، لان فيه سببا واحدا، وهذه التاء التي فيه للجمع لا للتأنيث لأنه اسم لمواضع مجتمعة، فجعلت تلك المواضع اسما واحدا، وكان اسم كل موضع منها عرفة وأذرعة، وقيل: بل الاسم جمع والمسمى مفرد، فلذلك لم يتنكر، وقيل: إن التاء فيه لم تتمحض للتأنيث ولا للجمع، فأشبهت التاء في نبات وثبات، وأما من منعها الصرف فإنه يقول:
إن التنوين فيها للمقابلة التي تقابل النون التي في جمع المذكر السالم، فعلى هذا غير منصرفة. وقد ذكرتها العرب في أشعارها، لأنها لم تزل من بلادها في الاسلام وقبله، قال بعض الاعراب: