معجم البلدان - الحموي - ج ١ - الصفحة ٤١
للشجرة وغيرها بالغداة، والفئ بالعشي، كما قال حميد بن ثور:
فلا الظل، من برد الضحى، تستطيعه، * ولا الفئ، من برد العشي، تذوق وقال أبو عبيدة: كل ما كانت الشمس عليه وزالت، فهو فئ وظل، وما لم تكن الشمس عليه فهو ظل، ومنه قوله تعالى، في قتال أهل البغي: حتى تفئ إلى أمر الله، الآية، أي ترجع، وسمي هذا المال فيئا، لأنه رجع إلى المسلمين من أملاك الكفار. وقال أبو منصور الأزهري في قوله تعالى:
ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى، الآية، أي ما رد الله على أهل دينه من أموال من خالف أهل ملته بلا قتال، إما أن يجلوا عن أوطانهم ويخلوها للمسلمين، أو يصالحوا على جزية يؤدونها عن رؤوسهم، أو مال غير الجزية يفتدون به من سفك دمائهم، فهذا المال هو الفئ في كتاب الله. قال الله تعالى: ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب، أي لم توجفوا عليه خيلا ولا ركابا. أنزلت في أموال بني النضير حين نقضوا العهد وجلوا عن أوطانهم إلى الشام، فقسم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أموالهم من النخيل وغيرها في الوجوه التي أراد الله أن يقسمها فيها، وقسمة الفئ غير قسمة الغنيمة التي أوجف عليها بالخيل والركاب.
قلت: هذه حكاية قول الأزهري، وهو مذهب الإمام الشافعي، رضي الله عنه، وإذا كان الفئ، كما قلنا، الرجوع، فلا فرق بين أن يرجع إلى المسلمين بالايجاف أو غير الايجاف، ولا فرق أن يفئ على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خاصة أو على المسلمين عامة، وأما الآية فإنما هي حكاية الحال الواقعة في قصة بني النضير، لا دليل فيها على أن الفئ يكون بإيجاف أو بغير إيجاف، لان الحال هكذا وقعت، ولو فاء هذا المال بالايجاف وكان للمسلمين عامة، لجاز أن يجئ في الآية: ما أفاء الله على المؤمنين من أهل القرى، ففي رجوع الفئ إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بنفي الايجاف، دليل على أنه يفئ على غيره بوجود الايجاف، ولولا أنهما واحد لاستغنى عن النفي واكتفى بقوله عز وجل: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى، إذ كان الكلام بدون نفيه مفهوما. وقد عكس قدامة قول الأزهري، فقال: إن الفئ اسم لما غلب عليه المسلمون من بلاد العدو قسرا بالقتال والحرب، ثم جعل موقوفا عليهم، لان الذي يجتبى منهم راجع إليهم في كل سنة. قلت: فتخصيص قدامة لمال الفئ، بأنه لا يكون إلا ما غلب عليه قسرا بالقتال، غلط. فإن الله سماه فيئا في قوله تعالى:
ما أفاء الله على رسوله منهم. والذي يعتمد عليه، أن الفئ كل ما استقر للمسلمين وفاء إليهم من الكفار، ثم رجعت إليهم أمواله في كل عام، مثل مال الخراج وجزية الرؤوس، كأموال بني النضير، ووادي القرى، وفدك التي فتحت صلحا لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، وكأموال السواد التي فتحت عنوة ثم أقرت بأيدي أهلها يؤدون خراجها في كل عام. ولا اختلاف بين أهل التحصيل، أن الذي افتتح صلحا، كأموال بني النضير وغيرهم، يسمى فيئا، وأن الذي افتتح من أراضي السواد وغيرها عنوة وأقر بأيدي أهله، يسمى فيئا، لكن الفرق بينهما أن ما فتح
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشرين 5
2 ترجمة المؤلف، رحمه الله 6
3 المقدمة 7
4 الباب الأول في صفة الأرض وما فيها من الجبال والبحار وغير ذلك 16
5 الباب الثاني في ذكر الأقاليم السبعة واشتقاقها والاختلاف في كيفيتها 25
6 الباب الثالث في تفسير الألفاظ التي يتكرر ذكرها في هذا الكتاب 35
7 الباب الرابع في أقوال الفقهاء في أحكام أراضي الفيء والغنيمة وكيف قسمة ذلك 44
8 الباب الخامس في جمل من أخبار البلدان 47
9 حرف الهمزة 49
10 باب الهمزة والألف وما يليهما 49
11 باب الهمزة والباء وما يليهما 59
12 باب الهمزة والتاء وما يليهما 87
13 باب الهمزة والثاء المثلثة وما يليهما 89
14 باب الهمزة والجيم وما يليهما 94
15 باب الهمزة والحاء وما يليهما 107
16 باب الهمزة والخاء وما يليهما 118
17 باب الهمزة والدال وما يليهما 125
18 باب الهمزة والذال وما يليهما 127
19 باب الهمزة والراء وما يليهما 133
20 باب الهمزة والزاي وما يليهما 167
21 باب الهمزة والسين وما يليهما 170
22 باب الهمزة والشين وما يليهما 194
23 باب الهمزة والصاد وما يليهما 205
24 باب الهمزة والضاد وما يليهما 213
25 باب الهمزة والطاء المهملة وما يليهما 215
26 باب الهمزة والظاء وما يليهما 219
27 باب الهمزة والعين وما يليهما 220
28 باب الهمزة والغين وما يليهما 223
29 باب الهمزة والفاء وما يليهما 226
30 باب الهمزة والقاف وما يليهما 233
31 باب الهمزة والكاف وما يليهما 239
32 باب الهمزة واللام وما يليهما 242
33 باب الهمزة والميم وما يليهما 249
34 باب الهمزة والنون وما يليهما 257
35 باب الهمزة والواو وما يليهما 273
36 باب الهمزة والهاء وما يليهما 283
37 باب الهمزة والياء وما يليهما 287
38 حرف الباء 298
39 باب الباء مع الهمزة وما يليهما 298
40 باب الباء والألف وما يليهما 302
41 باب الباء والباء أيضا وما يليهما 333
42 باب الباء والتاء وما يليهما 334
43 باب الباء والثاء وما يليهما 337
44 باب الباء والجيم وما يليهما 338
45 باب الباء والحاء وما يليهما 340
46 باب الباء والخاء وما يليهما 353
47 باب الباء والدال وما يليهما 356
48 باب الباء والذال وما يليهما 360
49 باب الباء والراء وما يليهما 362
50 باب الباء والرأي وما يليهما 408
51 باب الباء والسين وما يليهما 412
52 باب الباء والشين وما يليهما 424
53 باب الباء والصاد وما يليهما 429
54 باب الباء والضاد وما يليهما 442
55 باب الباء والطاء وما يليهما 444
56 باب الباء والعين وما يليهما 451
57 باب الباء والغين وما يليهما 455
58 باب الباء والقاف وما يليهما 470
59 باب الباء والكاف وما يليهما 474
60 باب الباء واللام وما يليهما 476
61 باب الباء والميم وما يليهما 494
62 باب الباء والنون وما يليهما 495
63 باب الباء والواو وما يليهما 502
64 باب الباء والهاء وما يليهما 514
65 باب الباء والياء وما يليهما 517