ولا بد لتلك القرى من قصبة أو مدينة أو نهر يجمع اسمها ذلك اسم الكورة كقولهم: دارا بجرد، مدينة بفارس لها عمل واسع يسمى ذلك العمل بجملته كورة دارا بجرد، ونحو نهر الملك فإنه نهر عظيم مخرجه من الفرات ويصب في دجلة، عليه نحو ثلاثمائة قرية. ويقال لذلك جميعة نهر الملك، وكذلك ما أشبه ذلك.
وأما المخلاف: فأكثر ما يقع في كلام أهل اليمن. وقد يقع في كلام غيرهم على جهة التبع لهم والانتقال لهم، وهو واحد مخاليف اليمن، وهي كورها. ولكل مخلاف منها اسم يعرف به، وهو قبيلة من قبائل اليمن أقامت به وعمرته فغلب عليه اسمها. وفي حديث معاذ: من تحول من مخلاف إلى مخلاف فعشره وصدقته إلى مخلاف عشيرته الأول، إذا حال عليه الحول. وقال أبو عمرو: يقال استعمل فلان على مخاليف الطائف وعلى الأطراف والنواحي. وقال خالد بن جنبة: في كل بلد مخلاف، بمكة مخلاف، والمدينة، والبصرة، والكوفة.
قلت وهذا كما ذكرنا بالعادة والألف، إذا انتقل اليماني إلى هذه النواحي سمى الكورة بما ألفة من لغة قومه، وفي الحقيقة إنما هي لغة أهل اليمن خاصة. وقال بعضهم: مخلاف البلد سلطانه.
وحكي عن بعض العرب، قال: كنا نلقى بني نمير ونحن في مخلاف المدينة وهم في مخلاف اليمامة. وقال أبو معاذ: المخلاف البنكرد، وهو أن يكون لكل قوم صدقة على حدة، فذاك بنكرده يؤدى إلى عشيرته التي كان يؤدى إليها. وفي كتاب العين يقال فلان من مخلاف كذا وكذا، وهو عند أهل اليمن كالرستاق، والجمع مخاليف. قلت هذا الذي بلغني فيه، ولم أسمع في اشتقاقه شيئا، وعندي فيه ما اذكره، وهو أن ولد قحطان لما اتخذوا أرض اليمن مسكنا وكثروا فيها لم يسعهم المقام في موضع واحد، فجمعوا رأيهم على أن يسيروا في نواحي اليمن ليختار كل بني أب موضعا يعمرونه ويسكنونه. وكانوا إذا ساروا إلى ناحية واختارها بعضهم تخلف بها عن سائر القبائل وسماها باسم أبي تلك القبيلة المتخلفة فيها، فسموها مخلافا لتخلف بعضهم عن بعض فيها، ألا تراهم سموها مخلاف زبيد، ومخلاف سنحان، ومخلاف همدان، لا بد من اضافته إلى قبيلة. والله أعلم.
وأما الإستان: فقد ذكرنا عن حمزة أنه قال: إن الإستان والكورة واحد. ثم قال: شهرستان وطبرستان وخوزستان مأخوذ من الإستان، فخفف بحذف الألف. ومثال ذلك أن رقعة فارس خمسة أساتين، أحدها إستان دارا بجرد، ثم ينقسم الأستان إلى الرساتيق، وينقسم الرستاق إلى الطساسيج، وينقسم كل طسوج إلى عدة من القرى، مثال ذلك: إصطخراستان من أساتين فارس، ويزد رستاق من رساتيق إصطخر، ونائين وقرى معها طسوج من طساسيج رستاق يزد، ونياستانه قرية من قرى طسوج نائين. وزعم مؤيد الري أن معنى الإستان المأوى، ومنه يقال: وهما إستان كرفت إذا أصاب موضعا يأوي إليه.
وأما الرستاق: فهو فيما ذكره حمزة بن الحسن مشتق من روذه فستا. وروذه اسم