همياني (1) فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، فأعطاه الرجل، وقال: اعدل عليهم وأعنهم بها. قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الاجل بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان في نفر من أصحابه، فلما صلى على الجنازة، ودنا من جدار ليجلس أتيته فأخذت بمجامع قميصه ورداءه ونظرت إليه بوجه غليظ، فقلت له: ألا تقضيني يا محمد حقي، فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل (2)، ولقد كان لي مخالطتكم علم، ونظرت إلى عمر وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني ببصره، فقال: يا عدو الله، أتقول لرسول الله ما أسمع، وتصنع به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، وتبسم، ثم قال: يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فأعطه حقه، وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته. قال زيد: فذهب بي عمر فأعطاني حقي، وزادني عشرين صاعا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك. قال: وتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فما دعاك أن فعلت برسول الله ما فعلت، وقلت له ما قلت؟ قلت: يا عمر لم يكن من علامات النبوة شئ إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه " يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما "، فقد اختبرتهما فأشهدك يا
(٣٤٦)