ولا حصنا يصون منك ويمنع، فاصنع بي ما يليق بكرمك أن تصنع يامن يصنع ولا يصنع ".
قال: وحفظت منه هذا الدعاء يعني الحداد: " يامن لوجهه عنت الوجوه، بيض وجهي بالنظر إليك، واملا قلبي من المحبة لك، وأجرني من زلة التوبيخ، فقد آن لي الحياء (1) منك وحان لي الرجوع من الاعراض عنك. لولا حلمك لم يسعني عملي، ولولا عفوك لم يبسط فيما لديك أملي، فأسألك بك أن تغفر لي وتخير لي ما أخبره لنفسي (2)، وتفعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، إنك أهل التقوى وأهل المغفرة، اللهم صل على محمد وآله ".
حدثني عمر بن هبة الله العقيلي بحلب، حدثني عبد الرحيم بن علي بن شيت القرشي قال: بلغني عن ابن غليس أنه في مجيئه في طريق مكة لقي أسدا فأتى إليه، ومس بيديه على لحييه (3) وفتح فاه إلى أن سار الحاج فخلى عنه ولحق الحاج، فكنت أسأله من أصحابه عن الدعاء الذي دعا به هل سألوه؟ فلم يخبرني أحد بشئ، فكنت أبدا كثير التطلع إلى ذلك ولم أحدا أسأله عن ذلك إلى أن استدعاني الصفي بن شكر إلى دمشق، وما شككت في أنه يضرب عنقي بقصده، فلقيت رجلا يقال له أفلاطون الطبيب، وكان يخدم ابن غليس ويتردد إليه، فقال: أنا والله سألته عن ذلك، فقال: كنت ليلة في الطريق نائما فرأيت أسدا قد جاء وثار في طريق الحاج فاختبط الناس ورجع أول الحاج إلى آخره لخوفهم فجاءني هاتف قال لي: " قل: يا كلب الله! اتق الله في عباده واخضع لمن خضعت له السماوات والأرض " وامش له فإنه لا يضرك! ففعلت ذلك وقبضت على لحييه إلى أن مر الناس، قال: فلما انتبهت لم أحفل بالمنام لأني أرى في اليقظة أشياء فوق هذا، فبينا نحن سائرون في ذلك اليوم، وإذا بالحاج قد اختبط ورجع أوله إلى آخره وقالوا: هاهنا سبع ضاري، ولخوف الناس منه، فأقبلت عليه وقلت له: " يا كلب الله اتق الله في عباد الله واخضع لمن خضعت له السماوات والأرض " ثم جئت إليه ومسكت فكه الأعلى بيدي وفكه الأسفل بيدي الأخرى وقعدت، وقعد معي إلى الأرض إلى أن مر الحاج، ثم قمت ووليت عنه