حياة أبي أحمد العسكري فقصدته وقرأت عليه، فوصل فخر الدولة والصاحب بن عباد، قال: فبينا نحن جلوس نقرأ عليه إذ دخل إليه ركابي ومعه رقعة ففضها وقرأها وكتب على ظهرها جوابها، فقلت له: أيها الشيخ، ما هذه الرقعة وما جوابها؟ فقال:
هذه الرقعة للصاحب، قلت: فأين كان الأصل وما كان في جوابه؟ فقال: كتب إلي:
ولما (1) أبيتم أن تزوروا وقلتم * ضعفنا (2) فما نقوى على الوخدان أتيناكم من بعد أرض نزوركم * فكم (3) منزل بكر لنا وعوان أناشدكم هل من قرى لتزيلكم * بطول [.....] (4) لا يمل حفان أروم نهوضا ثم يثني عزيمتي * تعود أعضائي من الرجفان فضمنت ببيت ابن الشريد كأنما * تعمد تشبيهي به وعناني أهم بأمر الحرم لا أستطيعه * وقد قيل بين العبر والثروان ثم نهض فقال: لا بد من الحمل على النفس، قال الصاحب: لا يقنعه هذا، وركب بغلة فلم يتمكن من الوصول إلى الصاحب لاشتيال الخيم، فصعد على بغلة ورفع صوته بقول أبي تمام:
مالي أرى القبة الفتحاء (5) مقفلة * دوني (6) وقد طال ما استفتحت مقفلها كأنها جنة الفردوس معرضة * وليس لي عمل زاك فأدخلها قال: فناداه الصاحب: ادخلها أبا أحمد فلك السابقة الأولى! فتبادر إليه أصحابه فحملوه حتى جلس بين يديه وسأله عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ما أحسن من محسن مسلم ولا كافر إلا جازاه الله " (7). ويروى مسلما وكافرا، فقال أبو أحمد: الخبير صادفت، فقال الصاحب: يا أبا أحمد تغرب في كل شئ حتى بالمثل (8) الساير، فقال: نغالب عن السقوط بحضرة مولانا وإنما كلام العرب للعرب وعند استخبارهم على الخبير سقطت.