إليك مشوق، وإلى رؤيتك متوق، وما بهذا وعدتني، ولا عليه وافقتني، ومما أخبرك أن أبا عبد الله الزبيري ابتاع جبة خز سوداء، ليجمل بها الدين، ويخدم بها سلطان المسلمين، ويجعل فاضلها مقنعة، للموفقة الصالحة زوجته، فسلمها إلى خياط، أمره فيها بالاحتياط، ففعل بها مالا تفعله الأعراب المغيرون، ولا الأكراد المبيرون، ولا المقاولة ولا الأزارقة، أن يأخذوا من ثوب خمسه، فيحصل صاحبه مأتمه وخياطه عرسه، إن هذا لأمر عظيم، وخطب في الإسلام جسيم، فإن رأيت أن تحضر هذا العاض، وتوعده بالإبراق والإغلاظ، وتركبه جملا عاليا، بعد أن تضربه ضربا عاتيا، وتطيف به في باب الشام ليكون عبرة الأنام، فلعله يرتدع ويقلع، ويرجع والسلام، قال لي أبو أحمد الماسح: وكتب ابن قريعة أيضا إلى صاعد الأكبار في ضيعته لما سرق من الدولاب طوقه وزجه: بلغني يا صاعد حدر الله بروحك إلى جهنم ولا أصعدها، وعن جميع الخيرات أبعدها، أن عاتيا عتا على الدولاب، في غفلة الرقباء والأصحاب، فسلب منه طوقه وزجه، من غير معرفة ولا حجه، فإن لله وإنا إليه راجعون، لقد هممت بالدعاء عليه، ثم عطفت بالحنو عليه، وقلت: اللهم إن كان أخذه من حاجة فبارك له، وأغنه عن المعاودة إلى مثله، وإن كان أخذه إفسادا وإضرارا، فابتر عمره، واكف المسلمين شره، يا أرحم الراحمين. فكتب إليه صاعد: قد عمرت الدولاب من عندي والسلام.
حدثني محمد بن أبي الحسن قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن علي النحوي الكسائي بمكة قال: سمعت بن قريعة القاضي ينشد:
لي حيلة في من ينم * وليس في الكذاب حيله من كان يخلق ما يقول * فحيلتي فيه قليله حدثني منصور بن ربيعة الزهري بالدينور قال: سمعت أبا طاهر العطار قاضي الدينور يقول: سمعت أبا سعيد السمرقندي يقول: كان ببغداد قائد يلقب بالكنى كنيته: أبو إسحاق، وكان يخاطب ابن قريعة القاضي، فبدر منه يوما في المخاطبة أن قال لابن قريعة: يا أبا بكر. فقال ابن قريعة: لبيك يا أبا إسحاق. فقال القائد: ما هذا؟ [فأجابه] إنما يكون بكورك إذا قضيتنا، فإذا بكرتنا تسحقناك، فقال القائد:
وا ويلاه هذا أفظع من الأول.