أبو الشيخ وعلو الاسناد:
لا شك أن لعلو السند أهمية كبيرة، حتى كان أحد أسباب رحلة المحدثين سماع الحديث عاليا.
يذكر أستاذنا الدكتور أكرم ضياء العمري أن " في جيل التابعين يبرز عامل جديد يحفز طلاب الحديث إلى الرحلة، ذلك هو طلب الاسناد العالي، فهو أخصر طرق الحديث المتصلة "، وقد ضرب أمثلة لرحلات عدد من المحدثين في هذا الشأن.
والذي نحن بصدده هو علو إسناد المؤلف، وليس هذا من خصائص المؤلف فقط، بل هو ميزة معظم محدثي ذاك الزمان، وبالأخص أهل أصبهان، لان أعمار أهلها تطول. ولنستمع إلى ما ذكره ياقوت، فقال: " قد خرج من أصبهان العلماء والأئمة في كل فن ما لم يخرج من مدينة من المدن، وعلى الخصوص علو الاسناد، فان أعمار أهلها تطول ".
بل وقد اشتهر وبلغ أبو نعيم التلميذ البارز للمؤلف والمكثر عنه إلى حد في علو الاسناد، وصفه المحدثون - فيما ذكره حمزة بن العباس العلوي - بان أصحاب الحديث كانوا يقولون: " بقي أبو نعيم أربع عشرة سنة بلا نظير، لا يوجد شرقا ولا غربا أعلى إسنادا منه، ولا أحفظ منه ".
فأبو الشيخ كذلك، يحظى بعلو الاسناد، ذلك لأنه بكر في سماع الحديث، فلقي الكبار، وعاش 96 سنة، فتهيأ له من ذلك كتابة العالي والنازل، واللقيا، كما ذكر ابن عبد الهادي والذهبي أنه " كتب العالي والنازل، ولقي الكبار ".