احتجت إلى التطهير وتحصيل الوضوء وغلبني الضعف فكنت استرحت، فمضى زمان ولم أصل صلاة العشاء فسمعت صوتا واضحا صريحا:
(كسيكه موعود به جنات عدن است نبايد در نماز مساهله نمايد).
وقد نقل لي هذا المطلب وكان في كمال الشعف والسرور، وكيف لا يكون كذلك مع استماعه هذا الكلام رحمه الله؟!
تأخر يوما من الأيام رجوعه إلى المنزل من الدرس، فذهبت إليه ولما كان مسيره في طريق المسجد المسمى ب (مسجد حكيم) دخلت فيه ولم يكن فيه ضوء ولا سراج، إذ رأيته في زاوية من زواياه وفي مكان الخلوة مشغولا بالذكر والدعاء في حالة مخصوصة، كما كان دأبه ذلك في أكثر أوقات الليل في المنزل، بحيث تجذب هذه الحالة كل ناظر.
والعجب جذبها لي وأنا كنت طفلا صغيرا، ولذا يقال: حسن عمل الوالد والوالدة في المنزل يؤثر كمال التأثير في الأولاد، وهذا كلام تام لا ريب فيه.
وقال آية الله البروجردي رحمه الله: (كنت أتلمذ مدة عند أبيه المرحوم الميرزا أبي المعالي - طاب ثراه - وكان ذلك عند عنفوان شبابي وعند شيبه، فأردت يوما منزله للتدرس، فلما دققت الباب، حضر شخصه لفتح الباب، فلما قربت الباب قال: ادخل الدار، وأراد أن يقدمني على نفسه فأبيت ولكنه بالغ وأصر كمال الأصرار على ذلك، فقال: يلزم احترام السادات.
وتذكرت إلى ما نقل لي من الشيخ صاحب الفرائد رحمه الله حين أخبر بحضور سلطان عصره في منزله، لم يؤثر هذا الخبر أثرا في نفسه.
فحضر السلطان عنده وأخبر أنه يحضر أيضا سيد من السادات بملاقاته.
فقال من كان مصاحبا للشيخ رحمه الله: أثر ذلك الخبر فيه تأثيرا شديدا.
فقلنا له: لم يؤثر في نفسك حضور السلطان شيئا كما في حضور هذا السيد؟
فقال: العظمة والمقام للسادات.