التعديل شهادة على نفس ذلك الوصف، وفي التصحيح شهادة على صحة الخبر المستلزم لعدالة الراوي، وهو أيضا في المقام معتبر، كما يظهر من كلماتهم بالنسبة إلى من أجمعوا على تصحيح ما يصح عنه. وبالجملة: نحن في قصور عن مغزاه.
والحاصل: أن الأصل لما كان حرمة العمل بالظن، ودل منطوق الآية على [لزوم] التبين عند خبر الفاسق، فلابد من الاقتصار على الظن المعلوم الحجية بدليل خاص إن كان، وعلى فرض عدمه - كما هو المفروض فيما نحن فيه - لابد من الأخذ بظن لم يقم القاطع على عدمه.
ونحن في الأحكام لما كنا مأمورين بالأخذ من الله تعالى وأمنائه - كما دل عليه العقل والنقل - نأخذ بما علمنا أنه منهم، وأما ما لم نعلم فيه ذلك كالأخبار غير القطعية، فأولا ندعي بناء القدماء من الأصحاب على العمل بالأخبار الموثوقة بصدورها بأي وجه حصل، كما يشهد عليه ما عن الشيخ من أنه يكفي في الراوي أن يكون ثقة متحرزا عن الكذب في الحديث وإن كان فاسقا في الجوارح، وأن الطائفة المحقة عملت بأخبار جماعة هذا حالهم، (1) وما عن غيره. مضافا إلى استقرار سيرة المسلمين وبناء العقلاء على ذلك.
وعلى ذلك ندور في الأخبار مدار الوثوق وعدمه سواء حصل بتعديل الرواة، أو بتصحيح الغير، أو بوجودها في الكتب المعتمدة، أو بانجبار ضعف السند بالشهرة، أو بسائر القرائن، سواء كان الراوي فاسد العقيدة، أو فاسد الأعمال، أم لا.
ولا ينافيه منطوق آية النبأ؛ لأن المراد بالتبين فيها إن كان أعم من العلمي والظني - كما احتمله بعض - فلا إشكال، وإن كان الأول - كما هو الظاهر من اللفظ ويساعد عليه التعليل المذكور في الذيل - فنقول:
إن مقتضى ظاهر الآية وجوب التبين عند إخبار الفاسق؛ وعند عدم إمكان