لأن الكتب أخت اللفظ ومعتبر عند الأصحاب في هذه المقامات إجماعا - فلا يتفاوت الأمر بين العلامة والكشي إلا بقرب العهد إلى الرواة وبعده، وذلك وإن كان يقرب احتمال حصول القطع للقريب، لكن مجرد ذلك الاحتمال غير قابل لإثبات الفرق كما لا يخفى، ولا سيما بعد ملاحظة أن الغالب في المعاشرين حصول الظن لهم بالعدالة لا القطع، فما ظنك بغير المعاشرين؟!
اللهم إلا أن يكون المزكى في تالي درجة العصمة - مثل سلمان - حتى يحصل القطع بعدالته للمعاشر وغيره. وكون كل من زكاه الكشي أو النجاشي من هذا الباب مما لم يدل عليه دليل، بل هو في غاية البعد؛ فإن الغالب في العادل شيوع عدالته يوما فيوما إلى الوصول إلى حد التواتر أو الضرورة.
ومقتضى ذلك الاحتمال انعكاس القضية، مضافا إلى أن في صدق الشهادة على الكتابة ألف كلام، وإلا فأدلة قبول الشهادة لم تفرق بين الموارد بلزوم اللفظ في بعض المقامات وكفاية الكتب في آخر.
والإجماع المدعى على الاعتبار يحتمل أن يكون لأجل إيراثه الظن المعتبر في المقام، ولا أقل من كونه تقييديا.
وإن بنينا على كونه من الظنون الإجتهادية - كما هو الحق والمحقق، وهو القدر المتيقن في تعديل القدماء من أصحاب الرجال - فلا ريب في إيراثه الظن لأمثالنا، سواء كان من القدماء أو من المتأخرين.
ومما ذكرنا يظهر ضعف عدم اكتفاء ذلك الفاضل بتصحيح الغير مستدلا بأن التصحيح ليس كالتوثيق؛ إذ الثاني شهادة على الأمور المحسوسة، والأول اجتهاد؛ وذلك لأن المراد بالأمور المحسوسة إن كان أعيان الرواة وأشخاصها، فذلك موجود في التصحيح إذا كان الحديث مسندا لا مرسلا، وإن كان نفس وصف العدالة، فمضافا إلى أن جملة من أجزاء العدالة ليست من الأمور الحسية كالأوصاف المرتبطة بالجنان، يرد عليه: أن لا فرق بينهما من تلك الجهة إلا أن في