لا يتحقق بمجرد وصف الحديث بالصحة، فلابد من مراجعة السند والنظر في حال الرواة ليؤمن من معارضة الجرح له بأن يتفحص عن المعارض كما أنه لا يعمل بكل خبر حتى يتفحص عن معارضه، وبالعام قبل الفحص عن المخصص.
والسر في ذلك أن المعتبر هو ظن المجتهد بعد الإجتهاد وهو الظن المستقر.
وإذا لوحظ اختلاف العلماء في كثير من الرجال - الذين يحتمل كون ما نحن فيه منهم احتمالا قويا - يضمحل الظن الحاصل من تصحيح الغير.
وتوهم كون الإطلاق محمولا على ما هو المعتبر عند الكل فاسد؛ إذ المتعارف في المحاورات العرفية التكلم بمعتقدهم. ولكنك خبير بأن المقصود الأصلي من البحث عن حال الرجال حصول الظن بصدور الرواية من المعصوم كما هو المستفاد من طريقة القوم. ومتى حصل ذلك بتصحيح الغير ممن كان من أهل الخبرة في ذلك، ولا سيما بعد ملاحظة صحة جملة مما صححه ولم نجد لتصحيحه معارضا، فلا دليل على لزوم أزيد من ذلك. ولا ريب أن الظن الحاصل من تصحيح مثل ذلك مستقر غالبا.
نعم، لو لم يكن من أهل الخبرة، أو كان ولكن ضعف أهل خبرة آخر ما صححه، يزول ذلك الظن أو لا يحصل الوثوق به فإذن لابد من المراجعة.
ولعل ذلك هو مراد من يكتفي بذلك بل ربما يتفق أن وثوق المجتهد بتصحيح الغير أكثر وأقوى من وثوقه بتصحيح نفسه؛ لكونه ممن شب وشاب في ذلك العلم، واطلع على قرائن لا يمكن تحصيلها غالبا إلا بعد الممارسة التامة غير الحاصلة إلا بعد صرف تمام العمر أو أكثره فيه. فظهر جواب الدليل الأول.
وأما الثاني، فمبناه على المقايسة بالخبر والعام. والفرق بينهما وبين المقام واضح؛ للعلم الإجمالي بالمعارض والخاص على وجه الشبهة (1) الكثير في الكثير