من أولئك الذين ندب إليهم الحديث القدسي: " عبدي أطعني تكن مثلي تقول للشئ كن فيكون " ومن أولئك الذين عبدوا الله عبادة الأحرار " لا خوفا من ناره ولا طمعا في جنته ". ومن أولئك الذين قيل في حقهم وإذا حلت الهداية قلبا * نشطت للعبادة الأعضاء فكان يقضي النهار في أفضل ما يعبد به الله: التدريس والتأليف والقضاء بين الناس وحل مشاكلهم الدينية والاجتماعية حتى أنه كان يراه الناس أبا رحيما لهم وحمى يستجيرون به عند الملمات وهاديا ومرشدا للحق وسنين الرشاد.
أما إذا جنه الليل، وانصرم قسم من أوائله في شؤون البحث والتدريس والاجتهاد والتحقيق في شؤون التشريع الاسلامي، إذا فرغ من ذلك كله طوى الحياة الدنيا ولوازمها إلى هدف اسمى، وتركيز أعمق ووصول إلى مراقي اليقين والطمأنينة فإذا به - ويرافقه غلس الليل، وطمأنينة الضمير - يجد السير من النجف الأشرف إلى مسجد الكوفة ماشيا على قدميه رغم وقاره واتزانه - فربما وصل في منتصف الليل أو قبيل الفجر إلى المسجد، فيفتح بيت الله العظيم له صدره الرحب، لأنه من أولئك الذين يعمرون مساجد الله - كما يريده الله تعالى - فيظل في بيت الله طوال ليله يواصل السير في عالم الملكوت بالتهجد والعبادة والأذكار المأثورة، والتي كان يرتجلها لنفسه عند المثول امام خالقه العظيم.
ومن جملة الأدعية التي كان يواضب على حملها وقرائتها: دعاء السيفي المشهور بنسخته الخاصة، وأسانيده الصحيحة المعتبرة عنده، وتلك النسخة كان يعتز بها لنفسه، وبقيت - بعد وفاته - يتوارثها آله الكرام ونسخوا عليها نسخا متعددة، ولا تزال في مكتبات ذوي الفضل منهم.
وحتى إذا انهى جميع أوراده وتهجده بين يدي الله وفى بيته الحرام