اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٥٣٥
فلما أن تناهوا إلى هذا الموضع، قال لهم يحيى بن خالد: ترضون فيما بينكم هشاما حكما؟ قالوا: قد رضينا أيها الوزير فانى لنا به وهو عليل، قال يحيى: فأنا أوجه إليه فأسأله أن يتجشم المجيئ، فوجه إليه فأخبره بحضورهم، وأنه انما منعه أن يحضره أول المجلس اتقاء عليه من العلة، فان القوم قد اختلفوا في المسائل والأجوبة، وتراضوا بك حكما بينهم، فان رأيت أن تتفضل وتحمل على نفسك فافعل.
فلما صار الرسول إلى هشام: قال لي: يا يونس قلبي ينكر هذا القول، ولست آمن أن يكون هيهنا أمر لا أقف عليه، لان هذا الملعون يحيى بن خالد قد تغير علي لأمور شتى، وقد كنت عزمت ان من الله علي بالخروج من هذه العلة أن أشخص إلى الكوفة وأحرم الكلام بتة وألزم المسجد، ليقطع عني مشاهدة هذا الملعون - يعني يحيى بن خالد -.
قال: فقلت: جعلت فداك لا يكون الا خيرا، فتحرز ما أمكنك، فقال لي:
يا يونس أترى أتحرز من أمر يريد الله أظهاره على لساني أنى يكون ذلك، ولكن قم بنا على حول الله وقوته.
فركب هشام بغلا كان مع رسوله، وركبت أنا حمارا كان لهشام، قال: فدخلنا المجلس فإذا هو مشحون بالمتكلمين، قال: فمضى هشام نحو يحيى فسلم عليه وسلم على القوم وجلس قريبا منه، وجلست أنا حيث انتهى بي المجلس.
قال: فأقبل يحيى على هشام بعد ساعة، فقال: ان القوم حضروا وكنا مع حضورهم نحب أن تحضر، لا لان تناظر بل لان نأنس بحضورك إذ كانت العلة تقطعك عن المناظرة وأنت بحمد الله صالح ليست علتك بقاطعة عن المناظرة، وهؤلاء القوم قد تراضوا بك حكما بينهم.
____________________
وفي عضة من النسخ " مقال الكلام " (1) بتشديد اللام من القل بالكسر، بمعنى النواة التي تنبت ضعيفة منفردة، والاقلال بمعنى قلة الجدوى والجدة.

(1) كما في المطبوع من الرجال بجامعة مشهد.
(٥٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 ... » »»
الفهرست