اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٥٣٤
أن لله في أرضه إماما غيرك مفروض الطاعة، قال: سبحان الله، قال: نعم، ويزعم أنه لو أمره بالخروج لخرج، وانما كنا نرى أنه ممن يرى الالباد بالأرض.
فقال هارون ليحيى: فاجمع عندك المتكلمين وأكون أنا من وراء الستر بيني وبينهم، لا يفطنون بي، ولا يمتنع كل واحد منهم أن يأتي بأصله لهيبتي، قال: فوجه يحيى فاشحن المجلس من المتكلمين، وكان فيهم ضرار بن عمرو، وسليمان بن جرير، وعبد الله بن يزيد الأباضي، وموبذان موبذ، ورأس الجالوت.
قال، فتسألوا وتكافوا وتناظروا وتناهوا إلى شاذ من مشاذ الكلام، كل يقول لصاحبه لم تجب ويقول قد أجبت، وكان ذلك من يحيى حيلة على هشام، إذ لم يعلم بذلك المجلس واغتنم ذلك لعله كان أصابها هشام بن الحكم.
____________________
قوله: وانما كنا نرى أنه ممن يرى الخ أي كنا نظن أن هشاما ممن رأيه الالباد بالأرض، يقال: ألبد بالمكان البادا أقام، وألبد الرجل لا يفارق منزله، وكذلك لبد بالأرض لبودا، قاله في مجمل اللغة.
وفي القاموس: لبد كنصر وفرح لبودا ولبدا أقام ولزق كالبد (1).
والمراد هنا القعود عن الخروج والمجاهدة ولزاق المقام ولزامه وأما الباد البصر في الصلاة فمعناه الزامه موضع السجود من الأرض، فان ذلك امارة خشوع القلب.
قوله: وتناهوا إلى شاذ من مشاذ الكلام مشاذ الكلام بفتح الميم واعجام الشين وتشديد الذال المعجمة، تقال: لشواذ الأقوال ونوادرها، كما تقال: مداق النكات لدقايقها وغوامضها.
تقول: كلمة شاذة وقول شاذ ورواية شاذة، إذا كانت مخالفة لما تقتضيه الأصول والقوانين، ويذهب إليه السواد الأعظم من العلماء المراجيح.

(1) القاموس: 1 / 334
(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 ... » »»
الفهرست