تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٩٠
«ويوم يعرض الذين كفروا على النار» ظرف عامله قول مضمر مقولة «أليس هذا بالحق» على أن الإشارة إلى ما يشاهدونه حينئذ من حيث هو من غير أن يخطر بالبال لفظ يدل عليه فضلا عن تذكيره وتأنيثه إذ هو اللائق بتهويله وتفخيمه وقد مر في سورة الأحزاب وقيل هي إلى العذاب وفيه تهكم بهم وتوبيخ لهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده وقولهم وما نحن بمعذبين «قالوا بلى وربنا» أكد جوابهم بالقسم كأنهم يطمعون في الخلاص بالاعتراف بحقيتها كما في الدنيا وأنى لهم ذلك «قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون» بها في الدنيا ومعنى الأمر الإهانة بهم والتوبيخ لهم والفاء في قوله تعالى «فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل» جواب شرط محذوف أي إذا كان عاقبة أمر الكفرة ما ذكر فاصبر على ما يصيبك من جهتهم كما صبر أولوا الثبات والحزم من الرسل فإنك من جملتهم بل من عليتهم ومن للتبيين والمراد بأولى العزم أصحاب الشرائع الذين اجتهدوا في تأسيسها وتقريرها وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فيها ومشاهيرهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام وقيل هم الصابرون على بلاء الله كنوح صبر على أذية قومه كانوا يضربونه حتى يغشى عليه وإبراهيم صبر على النار وعلى ذبح ولده والذبيح على الذبح ويعقوب على فقد الولد والبصر ويوسف على الجب والسجن وأيوب على الضر وموسى قال له قومه إنا لمدركون قال كلا إن معي ربى سيهدين وداود بكى على خطيئته أربعين سنة وعيسى لم يضع لبنة على لبنة صلوات الله تعالى عليهم أجمعين «ولا تستعجل لهم» أي لكفار مكة بالعذاب فإنه على شرف النزول بهم «كأنهم يوم يرون ما يوعدون» من العذاب «لم يلبثوا» في الدنيا «إلا ساعة» يسيرة «من نهار» لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته وقوله تعالى «بلاغ» خبر مبتدأ محذوف أي هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة أو تبليغ من الرسول ويؤيده أنه قرئ بلغ وقرئ بلاغا أي بلغوا بلاغا «فهل يهلك إلا القوم الفاسقون» أي الخارجون عن الاتعاظ به أو عن الطاعة وقرئ بفتح الياء وكسر اللام وبفتحهما من هلك وهلك وبنون العظمة من الاهلاك ونصب القوم ووصفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة