إفكهم أي وأثر افترائهم على الله أو أثر ما كانوا يفترونه عليه تعالى وقرئ وذلك إفك مما كانوا يفترون أي بعض ما كانوا يفترون من الإفك «وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن» أملناهم إليك وأقبلنا بهم نحوك وقرئ صرفنا بالتشديد للتكثير لأنهم جماعة وهو السر في جمع الضمير في قوله تعالى «يستمعون القرآن» وما بعده وهو حال مقدرة من نفرا لتخصصه بالصفة أو صفة أخرى له أي واذكر لقومك وقت صرفنا إليك نفرا كائنا من الجن مقدرا استماعهم القرآن «فلما حضروه» أي القرآن عند تلاوته أو الرسول عند تلاوته له على الالتفات والأول هو الأظهر «قالوا» أي قال بعضهم لبعض «أنصتوا» أي استكنوا لنسمعه «فلما قضى» أتم وفرغ عن تلاوته وقرئ على البناء للفاعل وهو ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا يؤيد ضمير حضروه إليه عليه الصلاة والسلام «ولوا إلى قومهم منذرين» مقدرين إنذارهم عند رجوعهم إليهم وروى أن الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا إلا لنبأ حدث فنهض سبعة نفر أو ستة نفر من أشراف جن نصيبين أو نينوى منهم زوبعة فضربوا حتى بلغو تهامة ثم اندفعوا إلى وادى نخلة فوافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم في جوف الليل يصلى أو في صلاة الفجر فاستمعوا لقراءته وذلك عند منصرفه من الطائف وعن سعيد بن جبير ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم وإنما كان يتلوا في صلاته فمروا به فوقفوا مستمعين وهو لا يشعر بهم فأنبأه الله تعالى باستماعهم وقيل بل أمره الله تعالى أن ينذر الجن ويقرأ عليهم فصرف إليه نفرا منهم جمعهم له فقال عليه الصلاة والسلام إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة فمن يتبعني قالها ثلاثا فأطرقوا إلا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة في شعب الجحون خط لي خطا فقال لا تخرج منه حتى أعود إليك ثم افتتح القرآن وسمعت لغطا شديدا حتى خفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته عليه الصلاة والسلام ثم انقطعوا كقطع السحاب فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت شيئا قلت نعم رجالا سودا مستشعرى ثياب بيض فقال أولئك جن نصيبين وكانوا إثنى عشر ألفا والسورة التي قراها عليهم اقرأ باسم ربك «قالوا» أي عند رجوعهم إلى قومهم «يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى» قيل قالوه لأنهم كانوا على اليهودية وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام «مصدقا لما بين يديه» أرادوا به التوراة «يهدي إلى الحق» من العقائد الصحيحة «وإلى طريق مستقيم» موصل إليه وهو الشرائع والأعمال الصالحة
(٨٨)