تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٧٥
وقوله تعالى «فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته» أي في جنته تفصيل لما يفعل بالأمم بعد بيان ما خوطبوا به من الكلام المنطوي على الوعد والوعيد ذلك أي الذي ذكر من الإدخال في رحمته تعالى هو الفوز المبين الظاهر كونه فوزا لا فوز وراءه وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم أي يقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع ألم يكن تأتيكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه فاستكبرتم عن الإيمان بها وكنتم قوما مجرمين أي قوما عادتهم الإجرام وإذا قيل إن وعد الله أي ما وعده من الأمور الآتية أو وعده بذلك حق أي واقع لا محالة أو مطابق الواقع والساعة التي هي أشهر ما وعده لا ريب فيها أي في وقوعها وقرئ والساعة بالنصب عطفا على اسم إن وقراءة الرفع للعطف على محل إن واسمها قلتم لغاية عتوكم ما ندري ما الساعة أي أي شيء هي استغرابا لها (إن نظن إلا ظنا) أي ما نفعل إلا ظنا وقد مر تحقيقه في قوله تعالى إن أتبع إلا ما يوحى إلى وقيل ما نعتقد إلا ظنا أي لا علما وقيل ما نحن إلا نظن ظنا وقيل ما نظن إلا ظنا ضعيفا ويرده قوله تعالى وما نحن بمستيقنين أي لا مكانه فإن مقابل الإستيقان مطلق الظن لا الضعيف منه ولعل هؤلاء غير القائلين ما هي إلا حياتنا الدنيا وبدا لهم أي ظهر لهم حينئذ سيئات ما عملوا على ما هي عليه من الصورة المنكرة الهائلة وعاينوا وخامة عاقبتها أو جزاءها فإن جزاء السيئة وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون من الجزاء والعقاب وقيل اليوم ننساكم نترككم في العذاب ترك المنسى كما نسيتم في الدنيا لقاء يومكم هذا أي كما تركتم عدته ولم تبالوا به وإضافة اللقاء إلى اليوم إضافة المصدر إلى ظرفه ومأواكم النار وما لكم من ناصرين أيما أي ما لأحد منكم ناصر واحد يخلصكم منها ذلكم العذاب يأتكم بسبب أنكم «اتخذتم آيات الله هزوا» مهزوا
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة