كل أمر حكيم وقرئ نفرق بنون العظمة «أمرا من عندنا» نصب على الاختصاص أي أعنى بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا وهو بيان لفخامة الإضافية بعد بيان فخامته الذاتية ويجوز كونه حالا من كل أمر لتخصيصه بالوصف أو من ضميره في حكيم وقد جوز أن يراد به نقابل النهي ويجعل مصدرا مؤكدا ليفرق لاتحاد الأمر والفرقان في المعنى أو لفعله المضمر لما أن الفرق به أو حالا منا أحد ضميري أنزلناه اى آمرين أو مأمورا به «إنا كنا منذرين» بدل من إنا كنا منذرين وقيل جواب ثالث وقيل مستأنف وقوله تعالى «رحمة من ربك» غاية للإرسال متأخرة عنه على ان المراد بها الرحمن الواصلة إلى العابد باعث متقدم عليه على أن المراد مبدؤها أي إنا أنزلنا القرآن لأن من عادتنا إرسال الرسل بالكتب إلى العباد لأجل إفاضة رحمتنا عليهم أو لاقتضاء رحمتنا السابقة إرسالهم ووضع الرب موضع الضمير الإيذان بأن ذلك من أحكام الربوبية مقتضياتها وإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام لتشريفه أو تعليل ليفرق أو لقوله تعالى أمرا على ان قوله تعالى رحمة مفعول للإرسال كما في قوله تعالى وما يمسك فلا مرسل له أي يفرق فيها كل أمر أو تصدر الأوامر من عندنا لأن من عادتنا إرسال رحمتنا ولا ريب في أن كلا من قسمة الأرزاق وغيرها والأوامر الصادرة منه تعالى من باب الرحمة فإن الغاية لتكليف العبادة تعريضهم للمنافع وقرئ رحمة بالرفع اى تلك رحمة وقوله تعالى «إنه هو السميع العليم» تحقيق لربوبيته تعالى وأنها لا تحق إلا لمن هذه نعوته «رب السماوات والأرض وما بينهما» بدل من أو بيان أو نعت وقرئ بالرفع على انه خبر آخر أو استئناف على إضمار مبتدأ «إن كنتم موقنين» أي إن كنتم من أهل الإيقان في العلوم أو إن كنتم موقنين في إقراركم بأنه تعالى رب السماوات والأرض وما بينهما إذا سئلتم من خلقها فقلتم الله علمتم أن الأمر كما قلنا أو إن كنتم مريدين اليقين فاعلموا ذلك «لا إله إلا هو» جملة مستأنفة مقررة لما قبلها وقيل خبر لقوله رب السماوات الخ وما بينهما اعتراض «يحيي ويميت» مستأنفة كما قبلها وكذا قوله تعالى «ربكم ورب آبائكم الأولين» بإضمار مبتدأ أو بدل من رب السماوات على قراءة الرفع أو بيان أو نعت له وقيل فاعل ليميت وفي يحيى ضمير راجع إلى رب السماوات وقرئ بالجر بدلا من رب السماوات على قراءة الجر «بل هم في شك» مما ذكر من شؤونه تعالى غير موقنين في إقرارهم «يلعبون» لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان بل مخلوطا بهزؤ ولعب
(٥٩)