تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٦٤
«أعد الله لهم عذابا شديدا» تكرير للوعيد وبيان لكونه مترقبا كأنه قيل أعد الله لهم هذا العذاب «فاتقوا الله يا أولي الألباب» ويجوز أن يراد بالحساب استقصاء ذنوبهم وإثباتها في صحائف الحفظة وبالعذاب ما أصابهم عاجلا وقد جوز أن يكون عتت وما عطف عليه صفة عليه صفة للقرية وأعد الله لهم جوابا لقوله تعالى كأي «الذين آمنوا» منصوب بإضمار أعنى بيانا للمنادى أو عطف بيان له أو نعت وفي إبداله منه ضعف لتعذر حلوله محله «قد أنزل الله إليكم ذكرا» هو جبريل عليه السلام سمى به لكثرة ذكره أو لنزوله بالذكر الذي هو القرآن كما ينبئ عنه إبدال قوله تعالى «رسولا» منه أو لأنه مذكور في السماوات وفي الأمم أو أريد بالذكر الشرف كما في قوله تعالى وإنه لذكر لك ولقومك كأنه في نفسه شرف إما لأنه شرف للمنزل عليه وإما لأنه ذو مجد وشرف عند الله تعالى كقوله تعالى عند ذي العرش مكين أو هو النبي عليه الصلاة والسلام وعليه الأكثر عبر عنه بالذكر لمواظبته على تلاوة القرآن أو تبليغه والتذكير به وعبر عن إرساله بالإنزال بطريق الترشيح أو لأنه مسبب عن إنزال الوحي إليه وأبدل منه رسولا للبيان أو هو القرآن ورسولا منصوب بمقدر مثل أرسل أو بذكرا على أعمال المصدر المنون أو بدل منه على أنه بمعنى الرسالة وقوله تعالى «يتلو عليكم آيات الله مبينات» نعت لرسولا وآيات الله القرآن وبينات حال منها اى حال كونها مبينات لكم ما تحتاجون إليه من الأحكام وقرئ مبينات أي بينها الله تعالى لقوله تعالى قد بينا لكم الآيات واللام في قوله تعالى «ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات» متعلقة بيتلوا أو بأنزل وفاعل يخرج على الأول ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام أو ضمير الجلالة والموصول عبارة عن المؤمنين بعد إنزاله أي ليحصل لهم الرسول أو الله عز وعلا ما هم عليه الآن من الإيمان والعمل الصالح أو ليخرج من علم أو قدر انه سيؤمن «من الظلمات إلى النور» من الضلالة إلى الهدى «ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا» حسبما بين في تضاعيف ما أنزل من الآيات المبينات «يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار» وقرئ ندخله بالنون وقوله تعالى «خالدين فيها أبدا» حال من مفعول يدخله والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها وقوله تعالى «قد أحسن الله له رزقا» حال أخرى منه أو من الضمير في خالدين بطريق التداخل وإفراد ضمير له قد مر وجهه وفيه معنى التعجب والتعظيم لما رزقه الله المؤمنين من الثواب
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة