تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٥٣
عن ذلك «سواء عليهم استغفرت لهم» كما إذا جاءوك معتذرين من جناياتهم وقرئ استغفرت بحذف حرف الاستفهام ثقة بدلالة أم عليه وقرئ آستغفرت بإشباع همزة الاستفهام لا بقلب همزة الوصل ألفا «أم لم تستغفر لهم» كما إذا أصروا على قبائحهم واستكبروا عن الاعتذار والاستغفار «لن يغفر الله لهم» ابدا لإصرارهم على الفسق ورسوخهم في الكفر «إن الله لا يهدي القوم الفاسقين» الكاملين في الفسق الخارجين عن دائرة الاستصلاح المنهمكين في الكفر والنفاق والمراد إما هم بأعيانهم والأظهار في موقع الإضمار لبيان غلوهم في الفسق أو الجنس وهم داخلون في زمرتهم دخولا أوليا وقوله تعالى «هم الذين يقولون» أي للأنصار «لا تنفقوا على من عند رسول الله» صلى الله عليه وسلم «حتى ينفضوا» يعنون فقراء المهاجرين استئناف جار مجرى التعليل لفسقهم أو لعدم مغفرته تعالى لهم وقرئ حتى ينفضوا من انفض القوم إذا فنيت أزوادهم وحقيقته حان لهم ان ينفضوا مزاودهم وقوله تعالى «ولله خزائن السماوات والأرض» رد وإبطال لما زعموا من أن عدم إنفاقهم يؤدي إلى انفضاض الفقراء من حوله صلى الله عليه وسلم ببيان ان خزائن الأرزان بيد الله تعالى خاصة يعطى من يشاء ويمنع من يشاء «ولكن المنافقين لا يفقهون» ذلك لجهلهم بالله تعالى وبشئونه ولذلك يقولون من مقالات الكفر ما يقولون «يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل» روى أن جهجاه بن سعيد أجير عمر رضى الله عنه نازع سنانا الجهني حليف ابن أبى واقتتلا فصرخ جهجاه ياللمهاجرين وسنان بالأنصار فاعان جهجاها جعال من فقراء المهاجرين ولطم سنان فاشتكى إلى اين أبى فقال للأنصار لا تنفقوا الخ والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الذل عنى بالأعز نفسه وبالأذل جانب المؤمنين وإسناد القول المذكور إلى المنافقين لرضاهم به فرد عليهم ذلك بقوله تعالى «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين» أي ولله الغالبة والقوة ولمن أعزه من رسوله والمؤمنين لا لغيرهم «ولكن المنافقين لا يعلمون» من فرط جهلهم وغرورهم فيهذون ما يهذون روى أن عبد الله بن أبى لما أراد أن يدخل المدينة اعترضه ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي وكان مخلصا وقال لئن لم تقر لله ولرسوله بالعز لأضربهم عنقك فلما
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة