تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٢٦٨
«أزواجا خيرا منكن» على التغليب أو تعميم الخطاب وليس فيه ما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام لم يطلق حفصة وأن في النساء خيرا منهن فإن تعليق طلاق الكل لا ينافي تطليق واحدة وما علق بما لم يقع لا يجب وقوعه وقرئ أن يبدله بالتشديد «مسلمات مؤمنات» مقرات مخلصات أو منقادات مصدقات «قانتات» مصليات أو مواظبات على الطاعة «تائبات» من الذنوب «عابدات» متعبدات أو متذللات لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم «سائحات» صائمات سمى الصائم سائحا لأنه يسيح في النهار بلا زاد أو مهاجرات وقرئ سيحات «ثيبات وأبكارا» وسط بينهما العاطف لتنافيهما «يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم» بترك المعاصي وفعل الطاعات «وأهليكم » بان تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم وقرئ أهلكوا عطفا على واوقوا فيكون أنفسكم عبارة عن أنفس الكل على تغليب المخاطبين أي قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم «نارا وقودها الناس والحجارة» أي نارا تتقد بهما اتقاد غيرها بالحطب وأمر المؤمنين باتقاء هذه النار المعدة للكافرين كما نص عليه في سورة البقرة للمبالغة في التحذير «عليها ملائكة» أي تلى أمرها وتعذيب أهلها وهم الزبانية «غلاظ شداد» غلاظ الأقوال شداد الأفعال أو غلاظ الخلق شداد الخلق وأقوياء على الأفعال الشديدة «لا يعصون الله ما أمرهم» أي أمره على انه بدل اشتمال من الله أو فيما أمرهم به على نزع الخافض أي لا يمتنعون من قبول الأمر ويلتزمونه «ويفعلون ما يؤمرون» أي ويؤدون ما يؤمرون به غير تثاقل ولا توان وقوله تعالى «يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم» مقول لقول قد حذف ثقة بدلالة الحال عليه أي يقال لهم ذلك عند إدخال الملائكة إياهم النار حسبما أمروا به «إنما تجزون ما كنتم تعملون» في الدنيا من الكفر والمعاصي بعد ما نهيتم عنهما أشد النهى وأمرتم بالإيمان والطاعة فلا عذر لكم قطعا «يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا» أي بالغة في النصح وصفت التوبة بذلك على الإسناد المجازى وهو وصف التائبين وهو أن ينصحوا بالتوبة أنفسهم فيأتوا بها على طريقتها وذلك أن يتوبوا عن القبائح لقبحاها نادمين عليها مغتمين أشد الاغتمام لارتكابها عازمين على انهم لا يعودون في قبيح من القبائح موطنين أنفسهم على ذلك بحيث لا يلويهم عنه صارف أصلا
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة